Al - Talea
رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 17-23 شوال 1419هـ - 3-9 فبراير 1999
العدد 1363

تناقضات (الحلقة الثالثة)
محمد سلمان غانم

من التناقضات التي ينطوي عليها أسلوب الإنتاج الرأسمالي هو اتجاه معدل الربح إلى الهبوط، وذلك تحت تأثير ارتفاع بنية رأس مال العضوية، مع تطور العملية الإنتاجية وتقدمها· إن رأس المال ينقسم إلى رأس مال ثابت ورأس مال متنامي "الأجور"· ونحن نقصد برأس المال المتنامي هو مايشار إليه ماركسيا برأس المال المتغير، أي العمال والشغيلة، لكون رأس المال هذا مصدر فائض القيمة، أي أنه يتنامى ويتضخم ويزداد باستمرار نتيجة لتحول العمل الحي إلى بضاعة· وذلك حتى لا يحدث خلط لأن الاقتصاد الملاكي "البرجوازي" يطلق مفهوم رأس المال المتغير على العمال "الأجور" مع المواد الأولية فيحسن تمييزه على رأس المال المتنامي· أما بقية عناصر رأس مال، فإن قيمتها تنقل إلى البضاعة بواسطة العمل بما يعادل قيمة هذه العناصر من دون زيادة ونماء، ولذلك تسمى رأس المال الثابت·

وفي ضوء تحليل بنية رأس مال العضوية· اكتشف ماركس سبب إفقار الطبقة العاملة  كلما زادت الثروة الاجتماعية، وهذا قانون ساري المفعول في النظام الرأسمالي· ويعبر عن نمو التناقضات الطبقية في المجتمعات الرأسمالية·

إن  بنية رأس مال لها معنيان أو شكلان، فهناك بنية رأس مال التكنيكية· التي تعني مقارنة كمية معينة من وسائل الإنتاج "آلات، ومعدات، ومواد أولية ومواد مساعدة·· إلخ" وكمية معينة من قوة العمل· وتتحدد النسبة بينهما حسب تقنية الإنتاج· ودرجة التجهيز الآلي، وما إذا  كان الإنتاج يقوم على كثافة العمل أو كثافة رأس المال· إن النسبة بين كمية وسائل الإنتاج وبين كمية قوة العمل هي بنية الرأس مال التقنية·

ويلاحظ من تطور الرأسمالية وطرق الإنتاج، أن القسم من رأس المال الذي يخصص لإدخال وتطوير وسائل الإنتاج الحديثة، يزداد باستمرار، وهذا يؤدي إلى زيادة كمية الآلات والمعدات والخامات بالنسبة للعامل الواحد، وينقسم رأس المال من ناحية أخرى حسب درجة الإنفاق والتي تسمى البنية القيمية وتتحدد بقيمة المال· والاتجاه العام هو تخصيص مبالغ أكبر لزيادة رأس المال الثابت،مقارنة برأس المال المتنامي· أي الذي يخصص للعمل، وتقوم بين بنية رأس المال التقنية وبنيته القيمية علاقة متبادلة· فزيادة الأولى تؤدي إلى زيادة الثانية ولكن بنسبة أقل· وقد أطلق ماركس اسم  البنية العضوية لرأس المال على النسبة بين رأس مال الثابت ورأس مال المتنامي، أي البنية القيمية، وبقدر ما تتطور الرأسمالية، ترتفع بنية رأس مال العضوية، وهي في الصناعة أعلى منها في الزراعة، كما يمكن أن يحصل تباطؤ في البنية العضوية لرأس مال أو حتى توقف بعض الحالات،وحسب درجة التطور وبخاصة في الدول النامية· التي تتميز بانخفاض الأجور، وزيادة فائض العمل الزراعي والبطالة المقنعة·

ومن المفارقات أنه كلما تحسنت تكنولوجيا الإنتاج، يغدو العمل أكثر إنتاجية· وهو ما يدفع إلى تشغيل عدد أقل من العمال، ويزداد فيض السكان، وتنخفض الأجور، ويتعاظم استثمار العمال المنتجين ويبرز على السطح هنا التداخل والتناقض بين ميل معدل الربح إلى الهبوط· والتناقض بين الطابع الاجتماعي للإنتاج وشكل الحيازة "الملكية" الرأسمالي، في حركة الرأسمال ذاتها· إن هدف الرأسمالي هو إنتاج فضل القيمة، ولتحقيق هذا الهدف، أو الغاية، يعمل على رفع الإنتاجية، عن طريق تطوير وتنمية تكنولوجيا الإنتاج، وهو ما يؤدي إلى زيادة البنية العضويةلرأسمال، ولكن هذه بدورها تقلل الطلب  على الأيدي العاملة· وتنتشر البطالة ويزداد فيض السكان النسبي، إن تطور التكنيك يزيد من إنتاجية العمل، وهي مصدر فضل القيمة، لكنه يشكل في الوقت نفسه، قوة طاردة للعمالة ويرفع تركيبة رأس مال العضوية وبقدر ما يرتفع التركيب العضوي للرأس مال، بقدر ما يهبط معدل الربح· وهنا تبرز لنا إشكالية،فالعمل هو خالق السحت "فائض القيمة·" ولزيادة القيمة يعمل الرأسمالي على زيادة الإنتاجية، ولكن هذه الزيادة تخفض الطلب على العمل· وهو ما يؤدي إلى تخفيض فائض القيمة، ولا يعوض رأس مال الثابت هذا الانخفاض لأن قيمته تنتقل بالكامل إلى البضاعة خلال  عمره الإنتاجي ولا يخلق فائض قيمة، وهذا ما دفع د· رمزي زكي إلى أن يتساءل"وهل الرأسمالي من السذاجة بحيث يعمد إلى انتهاج سياسات تعود عليه بالضرر؟ لقد كان يسعى إلى تعظيم ربحه من خلال تقليل نفقات إنتاجية عن طريق استخدام أحدث الآلات، وخفض كلفة الأجور· فكيف يؤدي ذلك إلى تدهور معل الربح؟·"

وللإجابة عن هذا السؤال أحيل القارىء إلى رد للدكتور زكريا أحمد نصر· وهذا نصه "يرد ماركس على ذلك بأن زيادة التركيب العضوي لرأس المال بالنسبة للمنظم الواحد نتائج تختلف عن آثارها فيما يتعلق بطبقة المنظمين عموما، فالأثر المباشر الخاص بالمنتج الفردي يغاير الأثر غير المباشر الخاص بجمهور المنتجين كيف ذلك؟

إن المنظم الذي يبدأ بزيادة التركيب العضوي لرأس المال يخفض من نفقاته عن متوسط النفقات السائدة في السوق بين المنظمين الآخرين، ولكنه يبيع منتجاته لا بقيمتها الفعلية بالنسبة له بل بثمنها في السوق· ولكن هذا الثمن مبني على نفقات غيره من المنتجين، ولذلك يحصل هذا المنظم على دخل احتكاري يضاف إلى ربحه الناشىء عن مجهود العمال، فتزيد بذلك نسبة أرباحه ويعوض ميلها إلى الانخفاض، ولكن هل يستمر هذا الحال على الدوام؟ كلا، فسرعان ما تعمل قوة المنافسة على تعميم وسيلة الإنتاج الجديدة، ومعنى ذلك أن تنخفض النفقات عموما، ويصبح كل منتج في حالة المنتج الأول، وعندئذ لا يبقى مجال لكي يجني أحدهم ربحا احتكاريا، فتباع السلع بقيمتها الفعلية، وتنخفض نسبة الربح لجميع المنتجين وفقا لزيادة التركيب العضوي لرأس المال عموما· "

إن هذه الحالة التي يعرضها الدكتور أحمد نصر تتعلق ليس بميل معدل الربح إلى الهبوط، أو ارتفاع التركيب العضوي لرأس المال وإنما يتعلق بما يسمى فائض القيمة الفائض أو فائض القيمة الإضافي والذي يحصل عليه المنظم المالك من اختراع آلات أفضل أو طريقة إنتاج جديدة أفضل وذلك في المدى القصير، أما في المدى الطويل فإن المنافسين سيعمدون إلى إدخال تحسينات أو آلات تستوعب الفن الإنتاجي الجديد، ولكن هنا أيضا نجد أن التطور الإنتاجي يقلل من ثمن البضاعة، وبالتالي تنخفض الأسعار ويختفي فائض القيمة الفائض، ويمكن أن نسميه فائض السحت وهو في الحقيقة شكل من أشكال الريع، إنه ريع الجودة أو الريع الاحتكاري أو ريع الإنتاجية· والحقيقة هناك من يطرح هذا السؤال بسذاجة أكبر  مثل الدكتور حازم الببلاوي الذي كان يدرسنا الاقتصاد في جامعة الكويت، لقد تناول هذه الظاهرة بشكل أعم، فكان يقول: إن الماركسية تعتبر العمل فقط هو الذي ينتج فائض القيمة، وبالتالي فإن ماركس في الحقيقة يدعو ضمنيا إلى تطبيق وسائل إنتاج متخلفة وتحتاج إلى عمالة يدوية أو ربما اعتماد العامل على يديه العاريتين في سبيل إنتاج فائض قيمة أكبر، هذا الطرح في الحقيقة يقودنا إلى اعتبار العمل اليدوي البحت أفضل من التقنيات الحديثة والمتطورة بالنسبة للرأسمالي، وهنا لا يثار التساؤل حول سذاجة الرأسمالي· الذي يعمد إلى تطبيق أحدث أساليب الإنتاج، وإنما يثور السؤال الآتي· هل كان ماركس على هذا القدر من السذاجة بحيث ينظر إلى أفضلية أساليب الإنتاج البالية؟

المشكلة هنا أن المعادين للنظرية الماركسية يهاجمون ماركس من دون مبرر ويجعلون من جهلهم حجة ضد الماركسية خدمة لأسيادهم في البروج العليا·

لقد تناول ماركس بالتحليل المسهب، موضوع الإنتاجية وفائض القيمة وقيمة قوة العمل "قيمة القوت" والتراكم الرأسمالي عموما ·· إلخ· وكان يرى في تطوير القوى المنتجة وسيلة ودافعا لتغيير علاقات الإنتاج الطبقية باتجاه الجماعية وبالتالي كان الرأسماليون خاصة والمنتجون عامة يقومون بدور تاريخي في رفع مستوى الإنتاج · وإن كان السؤال مطروحا·

�����
   

الإخوان المسلمون وجمع الأموال:
مسلم صريح
البلدية تتجاهل قوانينها:
محمد مساعد الصالح
سذاجة أمريكية:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
على نفسها جنت براقش:
د.مصطفى عباس معرفي
الثورة الإيرانية في عامها العشرين: آفاق وتحديات:
يوسف عزيزي
أعياد المملكة العربية السعودية:
يحيى الربيعان
ذاكرة الدم والخوف:
إسحق الشيخ يعقوب
أحداث وقضايا!:
عامر ذياب التميمي
التعامي:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
أين الجامعة العربية:
سعاد المعجل
تناقضات (الحلقة الثالثة):
محمد سلمان غانم
تلعبين بالنار يا حكومة!:
ياسر الحبيب
استقالة العون:
أنور الرشيد
هل ديمقراطيتنا حقيقية..؟:
سعود عبدالله
الثورة الخمينية.. إلى أين؟!!:
فوزية أبل
في جواز مخاصمة القضاة وأعضاء النيابة عن الخطأ المهني الجسيم:
المحامي مصطفى الصراف