ينص القانون الصهيوني الشاذ في أغلب بنوده على أن أي فرد له جد يهودي واحد على الأقل يستطيع الحصول على الجنسية الإسرائيلية، وطبقا لهذا القانون فلا يزال هناك ملايين الأشخاص في أراضي الاتحاد السوفييتي السابق ينطبق عليهم ذلك الشرط، وحكومة الكيان الصهيوني مستمرة في مغازلة يهود روسيا على المستوى الرسمي أملا في استمرار التدفق اليهودي الروسي الذي يمكن أن يقضي على الأزمة "الديمغرافية" التي تلوح في الأفق وهي أن العرب يمكن أن يفوقوا أعداد اليهود خلال بضعة عقود - وهذا ما أشرنا إليه في مقالات سابقة - مما يؤدي إلى احتمالات زوال "إسرائيل" كما هو الحال في نموذج "جنوب أفريقيا"·
وفي قراءة سريعة لتاريخ الهجرة ليهود الاتحاد السوفييتي، نجد بأن الإحصاءات الرسمية تؤكد هجرة ما يقارب المليون يهودي بدءا من منتصف السبعينات حيث كان هؤلاء يحلمون بالمعيشة الإنسانية والوظيفة المرموقة، وهي أمور كانت من المحرمات على الكثيرين في ظل الحكم الشيوعي الاستبدادي·
وإستمر التدفق اليهودي بمعدل 100 ألف سنويا إلى أن اندلعت الانتفاضة الفلسطينية التي حولت هذه الهجرة إلى ما يمكن أن نطلق عليه "الهجرة العكسية" فماذا حدث؟! طبقا لمصادر وأرقام وزارة السفارة الإسرائيلية في موسكو فإن عدد المهاجرين انخفض من 100 ألف إلى 10 آلاف فقط، وأرجعت ذلك إلى الوضع الاقتصادي السيء، واستمرار الانتفاضة التي تسببت في إنعدام الأمن خصوصا مع استمرار العمليات المسلحة وإطلاق الصواريخ "البدائية" على المستوطنات·
وقد بلغ عدد اليهود الروس المهاجرين تجاه بلدهم الأصلي منذ انطلاقة الانتفاضة أكثر من 50 ألفا اعلنوا في مقابلات مع وسائل الإعلام بأنهم فشلوا في تحقيق أحلامهم على "أرض الميعاد" وباتت المعيشة في روسيا أكثر أمنا واستقرارا·
هذه الهجرة المعاكسة لم تقتصر على اليهود الروس فقط، بل أن هناك طلبات هجرة كثيرة تتلقاها سفارات الدول الغربية في الكيان الصهيوني حيث ذكرت السفارة الألمانية على سبيل المثال أنها تلقت آلاف الطلبات للهجرة· وبالطبع، فإن ما خفي كان أعظم·
باختصار·· إستطاعت الانتفاضة أن تزلزل الأرض تحت أقدام اليهود·· فهنيئا لأمتنا إنتفاضة العزة التي زلزلت الأرض تحت أقدام المستوطنين·
abdullah.m@taleea.com |