رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 19 ذوالقعده 1426 هـ . 21 ديسمبر 2005
العدد 1708

دلال إسرائيل
د. محمد حسين اليوسفي
alyusefi@taleea.com

يبدو أن العالم كله في كفة وإسرائيل لوحدها في كفة أخرى، ومن الواضح أن هناك مكيالا يكيل به البشر شؤونهم، ومكيالا آخر خاصا بإسرائيل!! ومن الثابت أن هذا الدلال لم يكن لولا ما تحظاه إسرائيل من مقام رفيع لدى الساسة الأمريكان، الذين يتسابقون - من كلا الحزبين - لخطب ودها، وتبذل الولايات المتحدة الأمريكية الغالي والرخيص من أجل "عيونها"· فقد اجتمع مندوبو 192 دولة موقعة على معاهدة جنيف في الأسبوع الماضي لمناقشة إضافة شارة جديدة الى شارة منظمة الصليب الأحمر الدولية المعروفة كي ترضى عنها إسرائيل التي دأبت منذ العام 1949 على رفض شارة "الصليب الأحمر" وجن جنونها حينما أضيفت لها شارة "الهلال الأحمر" في العام 1983 وتغير اسم المنظمة تبعا لذلك الى الاتحاد الدولي لمنظمات الهلال والصليب الأحمر·

لم تعترف إسرائيل بشارة منظمة الصليب الأحمر وبالتالي رفضت تلك المنظمة أن تكون إسرائيل عضوا فيها· وكانت إسرائيل تصر دائما على إضافة شارة "نجمة داود" الى شارتي المنظمة· ودخلت مسألة قبول إسرائيل في المنظمة الدولية لعبة السياسة الداخلية في أمريكا، وتلقفتها إدارة كلنتون وجمدت الاشتراك المالي السنوي الذي يدفعه فرع الصليب الأحمر الأمريكي للمنظمة الأم والبالغ خمسة ملايين دولار منذ العام 2000 الى الآن مشترطة قبول إسرائيل لعودة تلك المبالغ·

وأغلب الظن أن رجل الأعمال السويسري جين هنري دونانت، ذا النزعة الإنسانية لم يفكر كثيرا بشارة المنظمة التي وضع لبناتها الأولى في العام 1863، إذ هاله ما رآه في ساحة معركة سولفارينو في العام 1859 حيث كانت القوات الفرنسية وقوات من سردينيا تحاول طرد القوات النمساوية من إيطاليا· لذلك جاء اختياره لعلم بلاده - سويسرا الوادعة والمسالمة - ليكون شارة لمنظمته التي دعا الى تأسيسها منذئذ· وسرعان ما وجدت الفكرة قبولا حسنا عند القوى العظمى آنئذ، فانعقد مؤتمر دولي في جنيف بعد عام من ذلك - أي في العام 1864 - وتم توقيع معاهدة حول معالجة حالات الجرحى والمرضى من العسكريين في الصراعات المسلحة·

وقبل أن تنتشر منظمة الصليب الأحمر وتصبح لها أفرع في الدول المختلفة، اتخذت البلاد الإسلامية الهلال الأحمر كرمز لفرق الإنقاذ والإسعاف التي كانت ترافق جيوشها، كما الحال مع الدولة العثمانية أثناء حربها مع روسيا في العام 1876· وهذا ما دفع الصليب الأحمر في العام 1929 الى التعامل مع جمعيات الهلال الأحمر في الدول الإسلامية دون أن تنتقص هذه الجمعيات من دور منظمة الصليب الأحمر الريادي·

ونال دونانت شخصيا أول جائزة نوبل في العام 1901 لجهوده في خدمة الإنسانية، ولعبت منظمته دورا إنسانيا مشهودا لها في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ثم بعد ذلك في كل الحروب والكوارث التي شهدها المجتمع الإنساني، فنالت كمنظمة عن جدارة واستحقاق ثلاث جوائز نوبل في الأعوام 1917 وأثناء الحرب العالمية الثانية (1944) وبمناسبة احتفالها بمرور مئة سنة على قيامها في العام 1963· وأرادت منظمة الصليب الأحمر في العام 1965 أن تعلن على الملأ أهدافها التي جسدتها دوما من انطلاقتها الأولى فجاء خير معبر عن تلك الأعمال النبيلة وتمثلت في: الإنسانية، الحيادية، التجرد، الاستقلالية، الخدمة الطوعية، الوحدة، وأخيرا العالمية·

وأشهد أن تلك المبادئ متجسدة في هذه المنظمة قولا وعملا من واقع تجربة شخصية مريرة مر بها كاتب هذه السطور حينما كان أسيرا في الرمادي بالعراق في العام 1991 لا داعي للخوض في تفاصيلها حفاظا على وقت القارئ· ولعل مكمن قوة الصليب الأحمر أنها منظمة من منظمات المجتمع المدني، بل أقول إنها أنبل وأسمى ما يمكن أن ينتجه المجتمع المدني· وهي على هذا منظمة طوعية، فصحيح أن جملة موظفيها - كما تظهر في تلك المعلومات التي تقدمها البي بي سي 29/12/2004 - يتكونون من 1200 متخصص و9000 موظف في الميدان "يبدو في كل الدول" فضلا عن 800 موظف في المقر الرئيسي، أقول، صحيح أن هذه المنظمة لديها هذا العدد من الموظفين، بيد أن لديها أيضا الآلاف المؤلفة من المتطوعين الذين يهبون للعمل المجاني إذا ما دعا داع·

ففرع الولايات المتحدة، على سبيل المثال، جند 219500 عامل إغاثة جاؤوا من خمسين ولاية إثر إعصار كاترينا، كان السواد الأعظم من هؤلاء من المتطوعين· وقام فضلا عن ذلك بتقديم أكثر من 27 مليون وجبة طعام ساخنة إضافة الى تقديم قروض تصل الى أكثر من  1500 دولار للعائلات المعسرة "النيويورك تايمز 4/12)·

وأيادي منظمة الصليب الأحمر بيضاء، فمصادر تمويلها تأتي غالبا من الأفراد المحسنين وفاعلي الخير، وهي إن أتت من حكومات فهي من دون شروط، لأن هذه المنظمة لا تتدخل بالشؤون السياسية، بل تقتصر مهامها على الأعمال الإنسانية البحتة، وبالتالي فهي مرحب بها من الجميع· وقد بلغت ميزانيتها في العام الماضي حوالي 670 مليون دولار·

على العموم، حصلت إسرائيل على ما تريده، وخرج المؤتمرون في مؤتمر جنيف ليصوتوا بأغلبيتهم على شارة جديدة على شكل بلورة حمراء ماسية الشكل على خلفية بيضاء تضاف الى الهلال والصليب الأحمر الدوليين· وهذه ليست المرة الأولى التي تحصل فيها إسرائيل على ما تريده، وأغلب الظن أنها ليست الأخيرة!!

 

alyusefi@taleea.com 

�����
   

إبرة الخطيب:
سعاد المعجل
سؤال من دون جواب:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ضابط ومحام!!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
ماذا أقول له؟!:
فهد راشد المطيري
الأولويات الحكومية:
مسعود راشد العميري
دلال إسرائيل:
د. محمد حسين اليوسفي
شكرا أحمد الخطيب:
على محمود خاجه
·· وغاب نهار لبنان:
يوسف الكندري
حقوق الإنسان يا بشر··!:
محمد جوهر حيات
من مقدحة صغيرة
تحترق مدينة كبيرة!:
عبدالخالق ملا جمعة