رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 8 ربيع الأول 1424هـ - 10 مايو 2003
العدد 1576

الحرب والإعـلام من يستخدم مـن؟
سعود راشد العنزي
sanezi@taleea.com

أسلحة الحروب التقليدية منذ الحرب العالمية الأولى تطورت بشكل مذهل ليس فقط في قوتها التدميرية فحسب بل في دقة إصابتها الهدف والتكنولوجيا المستخدمة لتحقيق ذلك، إلا أن سلاح الإعلام دخل ساحة الحروب كناقل لبشاعتها وبسالة المحاربين وأخبار التطور الميداني للجيوش في البداية وصولاً مع الزمن ومع تطور تقنيته هو الآخر إلى تحوله إلى سلاح لا يقل خطورة عن الأسلحة التقليدية الذكي منها والأقل ذكاءً·

في الحرب الأخيرة وكما لم يحدث في تاريخ الحروب من قبل دخلت كاميرا و"مايكروفون" الصحافي جنباً إلى جنب مع البندقية والصاروخ وأهلت بعض المحطات العالمية آليات خاصة مشابهة لتلك التي يستخدمها العسكر ولبس الصحافيون لباس العسكر وتدربوا على لبس المعدات والملابس الخاصة بالحرب الكيماوية والبيولوجية وربما تدرب بعضهم على حمل السلاح الخفيف للدفاع عن أنفسهم·

هذا الرقم المهول من الإعلاميين الذين شاركوا مع قوات التحالف في حربها على صدام حيث تجاوز 600 صحافي وصحافية، يرى البعض أنه جاء من ضمن التخطيط العسكري للبنتاغون أصلاً كجزء من الخطة الشاملة للحرب بحيث يخدم هؤلاء الإعلاميون في إطار الحملة الإعلامية والنفسية ضد الخصم، فما يمكن لأي من الصحافيين نقله ليس سوى ما يسمح به القادة العسكريون، بعبارة أخرى نصف الحقيقة فقط·

علاقة الإعلام بالحرب ليست جديدة ولم يبتدعها مخططو البنتاغون قبيل هذه الحرب بل هي امتداد لصراع طويل بين بحث الإعلامي عن الحقيقة وما يعتبره العسكري أسراراً لا يمكن البوح بها، وهو أمر ربما اقتصر على الدول الديمقراطية دون غيرها فمن المعروف أن الحكومات الشمولية والدكتاتورية لا تسمح للإعلام بنقل الحقيقة في وقت السلم وهي حتماً لن تسمح لها بذلك في وقت الحرب، إلا إذا كانت جزءاً من “الماكينة” الإعلامية للحاكم·

إذاعة الـ "BBC" لعبت أول دور بارز لها في الحرب العالمية الثانية، ليس من خلال تميزها بنقل أخبار الحرب إلى قطاع كبير من الكرة الأرضية فحسب، بل لكونها أحد الأسلحة التي استخدمها الحلفاء لرفع معنويات جنودهم ولنقل بعض الأوامر العسكرية عن طريق الكلمات الرمزية المشفرة للقادة الميدانيين، علاوة على بث خطب قادة التحالف وعلى رأسهم تشيرشل إلى أصقاع العالم·

أما في حرب فيتنام فقد لعب الإعلام (الإذاعة والتلفزيون والصحافة) من جهة وصناعة السينما من جهة أخرى دوراً محورياً في تأجيج الرأي العام الأمريكي على الحرب وصولاً بعد ذلك إلى إيقافها·

ولم يقتصر استخدام الإعلام والإذاعة تحديداً على الدول المتقدمة وحدها، فيذكر أن كلمة السر لتأميم قناة السويس أعلنها جمال عبدالناصر خلال خطبة أعدها لتلك المناسبة بعد أن اتفق مع القادة الميدانيين على إشارة البدء إن هم سمعوا كلمة السر المتفق عليها، وهو ماحصل بالفعل، ناهيك عن الدور الذي لعبته إذاعة صوت العرب من القاهرة في أثناء وقبل حرب 1967·

أما النقلة النوعية في استخدام التلفزيون كأحد أسلحة الحروب فقد بدأها الرئيس العراقي المخلوع في أثناء حربه على إيران، فعلى الرغم من محدودية بث وإرسال التلفزيون العراقي على المناطق القريبة جغرافياً من العراق، فإن تأثيره كجزء من أسلحة الحرب كان واضحاً جداً·

إلى أن حدثت كارثة احتلال الكويت والتحضير لحرب تحريرها على يد التحالف الدولي حيث دخل وللمرة الأولى في تاريخ البشرية الإعلام العالمي حيث تميزت محطة CNN الإخبارية ليس فقط من خلال تواجدها العالمي وتغطيتها الواسعة بل كذلك من خلال التكنولوجيا التي أدخلتها إلى ساحة الإعلام والمهنية العالية لمراسليها ووجودها في أرض الحدث·

الدور الذي لعبته هذه المحطة ثم تلتها محطات كثيرة بعد ذلك تجاوز نقل أخبار الحرب أولا بأول بالصوت والصورة وبخاصة المؤتمرات الصحافية التي تميز بها الجنرال شوارتسكوف، إلى أن أصبحت المحطة طرفاً في السياسة الدولية، فكان كثير من القرارات يتخذ لدى طرفي النزاع بعد نقل محطة CNN رد فعل الطرف الآخر، بعبارة أخرى لم ينتظر أي من الطرفين الرد الرسمي للطرف الآخر عن طريق الحقيبة الدبلوماسية كما اعتادت وزارات الخارجية قبل ذلك الوقت على القيام به، فكان يكفي أن يتخذ الرئيس الأمريكي قراراً تنقله وسائل الإعلام ليصدر رد فعل سياسي من قبل النظام العراقي تنقله المحطة على الهواء ويفصل بينه وبين قرار الرئيس الأمريكي ساعات قليلة فقط، وهكذا·

وخلال السنوات التي تلت تحرير الكويت وبعد أن انتشرت الفضائيات وتكاثرت وأصبحت زاداً أساسياً لكل بيت حتى المناطق الفقيرة التي يتزاحم رواد المقاهي على جهاز تلفزيون صغير ينقل لهم إحدى هذه الفضائيات·

ومع هذا الانتشار بدأت الفضائيات ولا سيما العربية منها بالتأثير المباشر على المشاهد العربي لدرجة تسابقت السلطات السياسية في المنطقة العربية على شراء ود تلك الفضائيات والتقرب منها وربما دعمها بشكل مباشر أو غير مباشر، الأمر الذي مكن النظام العراقي الغابر من الاستفادة من إمكاناته المالية غير المحدودة مشفوعة باستغلاله قضايا الإنسان العراقي الذي عاش حالة بؤس وكان السبب الأول فيها نظام الحكم الطاغي الذي أبدع في تحويل الأنظار عن إجرامه بحق ذلك الشعب إلى بكاء عليه، وتحول من مجرم جلاد أشغل المنطقة بالحروب إلى ضحية مسكينة، واستغل القضية الفلسطينية التي دمرها وأجهز عليها بسبب مغامراته السياسية وتدخله عن طريق التنظيمات الفلسطينية الموالية له ليتحول بقدرة الإعلام المسير إلى القائد العربي الفذ والمدافع الوحيد عن تلك القضية، بما في ذلك كذبة الملايين السبعة الذين شكلوا ما أسماه بجيش القدس الذي لم ير أحد له أثراً في الدفاع عن بغداد  ناهيك عن القدس وفلسطين·

دخول الفضائية العربية "الجزيرة" إلى ساحة المنافسة الإعلامية لم يكن خارج تلك الحقبة بل لعبت فيها دوراً محورياً ومؤثراً جداً في جذب المشاهد العربي المسحوق لقناة تحدثت "بصراحة وحدة" عن قضايا يعيشها بشكل يومي علاوة على تجرؤها وجسارتها على الأنظمة العربية التي لم تجرؤ قناة إعلامية عربية على نقدها من قبل·

كما أخذت الفضائيات العربية بالتوسع والانتشار والتنافس إلى أن حدثت كارثة 11 سبتمبر وما تلاها من حرب على أفغانستان وبروز تنظيم القاعدة وزعيمه بن لادن الذي تمكنت هذه الفضائيات والجزيرة على وجه التحديد من أن تكون في قلب الحدث وفي أرض المعركة تنقل بالتقنية العالية خلال دقائق معدودة ما يحدث وما ينتج عنه من دمار مستفيدة من علاقات رتبتها مع نظام حكم طالبان وتنظيم القاعدة قبل ضربهما من قبل أمريكا·

أما الحرب الأخيرة على العراق فقد تميزت كما لم يحدث في تاريخ البشرية على الإطلاق بوجود الصحافيين والمراسلين التلفزيونيين بكل ما لديهم من تقنية نقل مباشر عالية ومن قدرات على الاتصال السريع من أي بقعة على وجه الأرض، علاوة على وجودهم مع القوات المقاتلة وكأنهم جزء منها، يصيبهم ما يصيب الوحدات العسكرية التي تبنتهم بل ابتدعت لهم مصطلحاً جديداً أسمتهEmbedded  أي (موجود ضمنياً)· ومن جهة أخرى تواجد هؤلاء المراسلون في العاصمة العراقية وجميع المدن العراقية الكبرى وبمعرفة النظام العراقي السابق قبيل اندلاع الحرب استعداداً لنقل أخبارها وقام هؤلاء المراسلون وبشكل غير مسبوق بنقل صور حية عن الحرب يرى فيها المشاهد وعلى الهواء مباشرة تفاصيل الحرب ونتائجها، بقدر ما يسمح له طرفا النزاع نقله، فقد وقع جميع الصحافيين المرافقين للقوات على أن لا ينقلوا أي خبر قبل موافقة القائد الميداني وأن لا يذكروا أي معلومات تدل على مكان تواجدهم وخلاف ذلك من شروط دقيقة، الهدف من ورائها ألا يؤثروا على سير المعركة من جهة وأن يساهموا بعلم منهم أو من دونه لصالح الجيش الذي ضمهم في صفوفه·

ومن جهته قام النظام العراقي المخلوع بفرض رقابة صارمة على كل كلمة تصدر عن أي صحافي سمح له بالتواجد، وحددت كذلك الأماكن التي يسمح لهم بنصب كاميراتهم فيها·

بعبارة أخرى حاول كل طرف من أطراف الحرب استخدام الإعلام بكل ما فيه وما لديه من تطور تقني لصالحه سواء كجزء من الحرب النفسية والدعائية أو كسلاح معنوي فتاك ضد خصمه·

sanezi@taleea.com

�����
   
�������   ������ �����
ديمقراطية "بَرُّوي"
الحملة على المهرجان.. لماذا؟
حول معركة "الرسوم"
في كويتية؟
هجوم الدينيين.. دفاع
أبعد من خليفة ونجمة
"قراقوش" الداخلية
الجماعات الدينية تبحث عن الأسهل
عاداتنا وتقاليدنا
"منخل" باقر
خلجنة الإسلام
وما أدراك ما الضوابط؟!
من يراقبهم؟
مؤتمراتنا··
عرس البحرين..
عام مضى على فراقك يا سامي
خشينا رعاية الحكومة للملتحين فإذا بها تقصّر “الدشداشة” وتطلق اللحية
الحرب والإعـلام من يستخدم مـن؟
حسناً فعلت يايوسف!!
 

المجلس الجديد:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
عسكرة الجهاد:
سعاد المعجل
نحو وعي جديد:
يحيى الربيعان
وماذا بعد يا PIC:
المحامي نايف بدر العتيبي
شم النسيم:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
هــمــــوم مستحــقة!:
عامر ذياب التميمي
العراقيون والقصاص العادل:
د. محمد حسين اليوسفي
الحرب والإعـلام من يستخدم مـن؟:
سعود راشد العنزي
مخطط تهويد القدس:
عبدالله عيسى الموسوي
اعتماد "نجاح" المؤامرة الخارجية على·· عامل "الرضوخ" داخليًا!!:
د. جلال محمد آل رشيد
من برج الحياة بدأت الحياة السياسية في العراق:
حميد المالكي
يوم الصحافة العالمي:
رضي السماك