عام مضى وطيفك بيننا في كل تحركاتنا نذكرك في الأوقات التي كنت فيها ملاذنا وتلك التي نشتاق إلى الجلوس إليك والاستماع إلى أحاديثك البسيطة أسلوباً والعميقة معنىً وخبرةً وبعد نظر· طاف عام ولم تفارق ابتسامتك الحنونة أذهاننا فمكانك في سويداء القلب محفور وطيفك لم يفارق "الطليعة" ولا ديوانية العديلية ولا منتديات المنبر ولا مجلس الأمة· نعم نستوعب جيداً أن الموت حق وأنك سابق ونحن لاحقون ولكن لا يملك أحداً من أحبتك يا أبا أحمد إلا أن يشعر بهذه الغصة التي لما تزل تحشر أصواتنا وتستثير الدمع في محاجر أعيننا كلما مررنا بموقف أو مكان كنت فيه يوماً بيننا، وما أكثرها·
اليوم تمر علينا ذكراك والوطن الذي ناضلت وأفنيت عمرك من أجله لا يزال بحاجة ماسة لأمثالك وصحبك الذين وضعوا مصالحهم الخاصة خلفهم وحددوا بوصلتهم تجاه الوطن الذي حلموا به وعملوا من أجل رفعته واستقراره· أردتموه وطناً عربياً ديمقراطياً دستورياً حراً يحترم الإنسان وحقوقه وحرياته، ونازعتم من أجل ذلك كل القوى التي لم تشارككم طموحكم وحلمكم· وها نحن نعمل ما بوسعنا لنكمل المشوار مسترشدين بتاريخكم المضيء وبإصراركم على تحدي كل العقبات مهما كانت كبيرة وصعبة، نستلهم من ذكراك الطيبة تلك الابتسامة التي لم تفارق محياك في أحلك أيام الوطن·
"الطليعة" يا أبا أحمد مشتاقة إليك، الناس والمبنى، قراء الطليعة ونقادها· ليتك رأيتهم جميعاً عندما شيعوك قبل عام، ليتك رأيت حالنا آنذاك· كان عاماً ثقيلاً بدونك لكن العزاء بما خلفت من سمعة ومواقف وانطباعات وعطاء يذكرها خصومك قبل صحبك، وعزاؤنا في رفاق دربك الذين لا زالوا معنا نراك فيهم وفي عطائهم المستمر· رحمة الله عليك يا أبا أحمد، ولنا من بعدك الصبر والسلوان على فراقك· |