كل جهاز مهما قلت أهميته لابد له من سبيل للتأكد من قيامه بعمله بشكل جيد، ويصبح الأمر لازماً عندما يكون الجهاز حكومياً، ويصبح ضرورة عندما يتعلق عمل ذلك الجهاز بحقوق الناس ومصائرهم كوزارة الداخلية والأجهزة الأمنية·
في الدول الديمقراطية يتوافر نوعان من الرقابة أحدهما داخلي والآخر من خارج المؤسسة الأمنية، الأول عادة ما يسمى الشأن الداخلي(Internal Affairs) وهو قسم لديه صلاحيات واسعة في التحقق من أداء أي من أفراد الأمن وما إذا أخل باللوائح والقوانين أو انتهك حقوق مواطن أو أكثر، ويجري هذا الجهاز تحقيقات موسعة في كل ما يتنامى إليه من معلومات سواء من داخل الأجهزة الأمنية أو من خارجها، ويقترب جوهر عمله في جانب منه بما يطلق عليه في الجيوش بالانضباط العسكري، لكنه يختلف عنه في اتساع دوره وأساليبه وصلاحياته، هذا القسم يخشاه جميع العاملين في الأجهزة الأمنية ومجرد وجوده يردع من تسول له نفسه ارتكاب مخالفة للوائح والنظم والقوانين، أما من يقع في دائرة تحقيقات الجهاز فعليه أن يحسب حساب العقوبة المضمونة إن ثبتت عليه تهمة المخالفة·
أما الجهاز الآخر فهو عادة ما يكون من خارج المؤسسة الأمنية(Audit Bureau) ويرقى إلى مستوى ديوان المحاسبة لدينا في الكويت إلا أن الديوان يختص بالشؤون المالية أما أجهزة الرقابة الخارجية على الأجهزة الأمنية في الدول الديمقراطية فدورها متابعة ليس فقط سلوك الأفراد في تلك الأجهزة بل سلوك الجهاز وقيادته وما إذا أخل بحقوق المواطنين أم لا·
إن وجود أجهزة رقابة على المؤسسات الرسمية التي تتعامل مع الجمهور أمر يعكس مدى شفافية تلك المؤسسات وعدم خشيتها من محاسبة العاملين فيها بمن فيهم القيادات العليا إن هم أخلوا بواجبهم أو انتقصوا من حق مواطن وهي شكل من أشكال تأكيد وتأصيل حقيقة أن الأمن يمكن أن يتحقق من دون انتهاك لإنسانية الناس·
sanezi@taleea.com |