رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 رجب 1425 هـ _ 8 سبتمبر 2004
العدد 1644

مستجدات التنمية!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

هل ستؤدي المداخيل المرتفعة في الدول العربية المنتجة للنفط إلى تحفيز إمكانات التنمية في هذه البلدان وبقية البلدان العربية؟ لقد أدت الصدمة النفطية الأولى ثم الصدمة النفطية الثانية في عقد السبعينات من القرن العشرين إلى توفير فوائض مالية مكنت البلاد المنتجة من مواجهة متطلبات التطور الاقتصادي وتحسين ظروف المعيشة والاستثمار في القطاعات الاقتصادية الأخرى غير النفطية·· كذلك وظفت أموالا من تلك الفوائض في مشاريع البنية التحتية ومشاريع اقتصادية أخرى في بلدان عربية منتجة للنفط·· لكن تجارب السنوات الثلاثين الماضية لم تكن وردية ومبهجة فقد استخدمت الأموال في شراء السلاح وتعزيز العسكرة في الكثير من البلدان العربية وأهدر العراق، وهو بلد نفطي عربي مهم، كل أمواله واقترض فوقها في عمليات التسلح والعسكرة والدخول في حروب ومغامرات الغزو والاحتلال·· وكما نرى فإن العراق الآن بعد سقوط نظامه السابق بفعل التدخل الخارجي يعاني من تبعات تلك السياسات العقيمة ويواجه مشكلات معيشية واجتماعية حادة·· ليس ذلك فقط بل إن البلدان العربية المنتجة للنفط الأخرى مثل السعودية والكويت وليبيا والجزائر واجهت مشكلات العجز وعدم التمكن من موازنة الإيرادات والنفقات نتيجة للتوسع في الصرف على الالتزامات الجارية والرأسمالية وارتفاع متطلبات المعيشة في هذه البلدان والاعتماد الكبير على دور الدولة، وتهميش دور القطاع الخاص في عدد منها··

هل يمكن أن يزعم المرء أن الحكومات قد استفادت من تلك التجارب بحيث تستطيع أن تستفيد من زيادة الإيرادات لإنجاز مشروع تنموي واقعي طال الزمن ونحن منتظرون تحقيقه؟ أهم من هذا السؤال هو مدى التغيير في العقلية السياسية الحاكمة وكيفية إداراتها للأموال، وهل هذه الأموال المتحققة من بيع النفط يمكن أن تصبح أدوات لتطوير القطاعات الاقتصادية غير النفطية وخلق إمكانات بشرية واعدة وتحويل المجتمعات العربية إلى مجتمعات تؤمن بالإنتاج والمبادرة والاعتماد على القدرات الفعلية لكل فرد من أجل تحقيق المضاعفة وتحسين الدخل؟ إذا فإن المطلوب هو الانتقال نوعيا من فلسفة الريع والدعم والإنفاق الاستهلاكي إلى استراتيجية استثمار الأموال في أصول وتطوير العقول لبناء اقتصادات مأمونة ومكينة تستطيع أن تكون متنوعة القاعدة ومن ثم تعزيز القدرة على توليد المداخيل من مصادر كثيرة·· إن من المؤكد أن هذه الأهداف الاستراتيجية لم تتحقق في السنوات الماضية وربما لم تسع الإيرادات الحاكمة لإنجازها نظرا لاهتمامها في إرضاء المواطنين من خلال آليات الإنفاق المتنوعة··

إذا استمرت أسعار النفط على وتيرتها الراهنة أو حتى لو تدنت قليلا بفعل عوامل العرض والطلب خلال الشهور والسنوات المقبلة، ولا يتوقع المراقبون أن تهبط دون الثلاثين دولارا للبرميل، فإن مداخيل الدول العربية المنتجة للنفط ستكون بحدود 230 بليونا من الدولارات الأمريكية·· ولا يمكن الاستهانة بهذا الدخل والذي سيشمل جميع البلدان العربية المنتجة للنفط بمختلف المستويات وهي الدول المنضوية تحت لواء الأوبك أو خارج الأوبك·· ومن دون شك إن هذه الأموال أساسية للدول العربية لمواجهة متطلبات التنمية والوفاء بالالتزامات المحلية والخارجية وتسديد خدمة الديون العامة·· وربما يعمل بعض البلدان العربية على الانتباه لأهمية تطوير الصناعة النفطية مستفيدا من الإيرادات الوفيرة حيث أن مستقبل صناعة النفط سيظل واعدا نتيجة لتحسن الطلب العالمي، كما أن الاحتياجات الطبيعية لدى هذه البلدان يحتم عليها أن ترفع من طاقاتها الإنتاجية من خلال الاستثمار في القطاع النفطي·· وقد يتطلب الأمر أن تستعين بالشركات العالمية لتوظيف أموال أخرى وتقنيات جديدة لتعزيز قدرات الإنتاج وتحسين الأنشطة الأخرى مثل التكرير والبتروكيماويات وغيرها·

يمكن للمرء أن يزعم بأن العرب قد فشلوا في عنصر أساسي في عملية التنمية وهو عنصر الثروة البشرية، وذلك كما تذكر جميع التقارير الوطنية والدولية·· وليس بالإمكان الادعاء بأننا نملك القدرات المهنية والعلمية اللازمة لمواجهة متطلبات الاقتصاد المعاصر في مختلف الأنشطة والأعمال·· بل إن الأنظمة التعليمية العربية لم تستوعب المتغيرات في مناهج العلوم والتكنولوجيا والإدارة، كما أن هذه الأنظمة أهملت برامج التدريب المهني المتوافقة مع متطلبات الاقتصاد الحر·· ولذلك فإن هذه الأنظمة التعليمية دفعت لأسواق العمل عناصر بشرية غير مقتدرة مهنيا وثقافيا وهذا يتناقض مع متطلبات التحرير الاقتصادي والانفتاح على الاستثمار الأجنبي حيث تتطلب المؤسسات الكبرى عاملين قادرين على فهم أساليب العمل ووسائل تحقيق النتائج الاقتصادية·· ولهذا يظل السؤال الملح هو هل يستطيع العرب أن يوظفوا الأموال المتوقعة من ارتفاع أسعار النفط في تطوير برامج التعليم والتدريب المهني لكي يصبح المواطن العربي كفؤا وقادرا على مضاهاة المواطن الصيني أو الهندي أو الكوري الجنوبي في مواجهة متطلبات عملية التنمية الاقتصادية بحيث تستطيع الشركات الكبرى، المأمول أن تعمل في البلدان العربية إذا تحقق الانفتاح، أن تعتمد عليه من دون جلب عمالة وافدة؟·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

حقوق مجلس الوزراء:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
"علمانية" حقوق الإنسان:
د·أحمد سامي المنيس
فوز تشافيز انتصار للفقراء في فنزويلا:
موسى داؤود
1400 بأثر رجعي!:
فهد راشد المطيري
الكويت ليست ملكا لحكامها:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
العلاج في الخارج:
المحامي نايف بدر العتيبي
مستجدات التنمية!:
عامر ذياب التميمي
نفائس الصحن الحيدري:
د. محمد حسين اليوسفي
"الأمعاء الخاوية":
عبدالله عيسى الموسوي
حقوق الإنسان·· وبكاء الطبطبائي:
د. سامي عبدالعزيز المانع
جمعية حقوق الإنسان:
مسعود راشد العميري
معارض·· لا يعارض!:
عبدالخالق ملا جمعة
عبدالعزيز الجارالله يستحق الثناء··!:
د· بدر نادر الخضري
الذكرى 94 لصدور "برنكيبيا ماتيمانيكا":
حميد المالكي
مأساة مدينة النجف:
رضي السماك