من دون شك أن إشهار الجمعية الكويتية لحقوق الإنسان هي خطوة في اتجاه دعم منظمات المجتمع المدني واللحاق بركب الحضارة الإنسانية، كما أن هذه الخطوة تبرز صورة الكويت المشرقة في ظل التراجع الحاد لحالة الديمقراطية وحقوق الإنسان في الوطن العربي التي تؤكدها سلسلة من انتهاكات لنشطاء وقوى المجتمع المدني، إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا يتعلق فقط بتفاصيل أساسية بحق الإنسان في الغذاء المناسب والماء النظيف والمسكن اللائق والأمن، إنما تنطلق من منظور شمولي يتجاوز هذه الحقوق الأساسية الى الحقوق المدنية والسياسية، وضرورة إجراء إصلاحات ديمقراطية تتمثل بإجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتعزيز دور المجالس النيابية، وتوسيع قاعدة المشاركة الشعبية بإعطاء المرأة حقوقها السياسية، وتأمين حرية الصحافة ووسائل الإعلام وحق إشهار جمعيات النفع العام ومكافحة الفساد، إن اعتراض بعض جهابذة التيار الديني في الكويت على إشهار جمعية حقوق الإنسان الكويتية هي دعوة للصمود أمام تحديات الحداثة وأوضاع المرأة والتعددية الحزبية والثقافات المغايرة لخطهم الأصولي، كما أن إشهارها يعني رفض التمييز بين معتنقي الأديان الروحية فيما يخص حقوقهم وحرياتهم المكفولة في الدستور، وحظر استخدام الدين بقصد الاستغلال السياسي، أو التحريض على إثارة المعتقدات والكراهية العنصرية، فمبادئ جمعية حقوق الإنسان تتنافى مع مشروع "الدولة الدينية"، وتمثل احتجاجا صريحا وواضحا على طابع التزمت الاجتماعي في الحياة العامة، وشطبا لقوى الانغلاق من حقول نشاط المجتمع وحركة الفكر والثقافة والتعليم، ولهذا السبب يعتبر بعض رموز الأصولية أن إشهارها "غير عادل وغير صحي لأنها متورطة أيديولوجيا مع التوجه العلماني التغريبي ومناهضة للتيار الإسلامي"، بالرغم من أن مفهوم العلمانية "فصل الدين عن الدولة" يعتبر أقوى وأشمل التعبيرات التواثقية لمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي يرأس لجنتها في مجلس الأمة أحد رموز الأصولية!