إن القوى الإمبرالية العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية هي العدو الرئيسي للأنظمة الثورية والتقدمية في العالم، لأنها تهدد مصالح القوى الرأسمالية والكارتيلات للشركات المتعددة الجنسيات في مختلف بلدان العالم، وعلى هذا الأساس تحاول الإمبرالية الأمريكية التصدي لجميع القوى المناضلة التي تحاول أن تحرر نفسها من هيمنة الأمريكية وتبني، مجتمعها على أساس وطني وديمقراطي· إن فنزويلا بقيادة "هوغوتشافيز" هي أحد أمثلة القائد الشعبي الذي تحدى أمريكا لأجل مصلحة شعبه وبناء مجتمعي يتناسب مع تطلعات شعبه في الحرية، والمجتمعات التي تريدها مجتمعات العدالة والرفاهية· إن أفكار ومواقف تشافيز لا تعجب أمريكا، وقد حاولت مرات كثيرة التدخل في شؤونها الداخلية، وتحريض المعارضة للإطاحة به استنادا لقرار المحكمة الدستورية العليا المتخذ مطلع حزيران الماضي والذي ينص على إجراء استفتاء شعبي في الخامس عشر من أغسطس الجاري، توجَّه الناخبون الفنزويليون إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم حول استمرار أو عدم استمرار الرئيس "هوغو تشافيز" في منصبه، هذا الاستفتاء الذي تم وسط أجواء من الترقب الوطني الفنزويلي والقاري والدولي أيضا، ويفترض أن تحدد نتائجه طبيعة توجُّه البلاد الاقتصادي والسياسي المقبل، وانعكاساته على دول الجوار الأمريكي اللاتيني أولا، وفي حدود ليست بقليلة على الوضع الدولي الراهن لما تمثله هذه النتائج أيضا من موقف شعبي واضح إزاء التدخل الدولي وخصوصا الأمريكي الفظ في شؤون داخلية لدولة مستقلة· لقد جاء الاستفتاء بعد أن نجحت قوى المعارضة إثر محاولة فاشلة مستندة إلى دعم أمريكي معلن وصريح في جمع 245 توقيعا يؤيد إجراء استفتاء شعبي على بقاء تشافيز أو عدمه رئىسا لفنزويلا بعد انقضاء نصف ولايته الدستورية، أي أكثر بمئة ألف توقيع على العدد المطلوب! هذا الاستفتاء - الذي وصفه المراقبون بالتاريخي والمصيري في آن واحد - قد تم في أجواء من التفاؤل بعد شهور من التوتر، الذي ساد البلاد مع وجود مراقبين دوليين أبرزهم الرئيس الأمريكي السابق "جيمي كارتر" كذلك، تحدث هؤلاء المراقبون عن انتظام عمل مراكز الاقتراع، والأجواء الديمقراطية التي سادت عملية الاستفتاء من جهة، وعن الإقبال الكبير وطوابير الناخبين الكبيرة التي اصطفت للإدلاء بأصواتها من جهة أخرى، ورغم ثقة تشافيز المبكرة بفوزه فإنه صرح في مؤتمر صحافي بعد إعلان النتائج - التي أكدت حصوله على 58 بالمئة من أصوات المقترعين مقابل 41 في المئة للمعارضة - أنه مصمم على مواصلة نهجه في خدمة الشعب الفنزويلي وطبقاته وفئاته الأوسع، وعلى مواصلة نهجه الاقتصادي والسياسي، وسياسة بلاده التقدمية وتحالفاتها، ورفضه للتدخل الأمريكي في شؤون بلاده ودول العالم الأخرى التي تعمل على تعزيز استقلالها فهل ستنهي نتائج هذا الاستفتاء التناقضات في فنزويلا؟