الله سبحانه وتعالى أقسم بالقلم لما فيه من المنافع للخلائق، وقيل إن قوام أمر الدين والدنيا بشيئين القلم والسيف، وموقع السيف تحت القلم، وفي ذلك تعظيم للعلم ومكانته، ويذكر التاريخ أن أول من خط بالقلم هو النبي أدريس عليه السلام·
بالقلم نستطيع أن نكتب ونعبر عن الكثير من القضايا الاجتماعية، الدينية، السياسية، الاقتصادية، الرياضية وهلمجرا· ثمة أقلام تشتهر بسرد القصص والروايات وهناك أيضا أقلام تحليلية تفسيرية وتوضيحية وتصويرية، ومنها بالطبع المقنع ومنها الخاوي والسطحي·
إن وظيفة الكتابة مسؤولية وذوق وإحساس، ولا يمكن للكاتب أن يبقى من دون تلك الصفات والمعايير، علما بأن الكتابة بالدرجة الأولى تعتمد على القراءة الجيدة والمتواصلة ولمختلف المواضيع، أحيانا ثمة كتاب لا يكترثون ولا يواكبون لبعض الأحداث التي تحصل في عالمنا، بيد أن تجاهلهم لتلك الأحداث، تجعل منهم محدودي الأفق والفكر· الكاتب المجتهد يتابع كل الأحداث والمتغيرات، ويقترب من هموم وشؤون العامة والنخب، من ثم يسعى من أجل إيجاد الحلول والبدائل لها من خلال مطالبته المعنيين بالأمر، ومن دون أن تقيده أي مصلحة أو مكاسب مادية زائفة، تحوله من عدم قول الحق والتطرق لبعض القضايا الحساسة، والتي ربما تحشره، أو تسقط رضا البعض عنه· الكاتب المؤمن بنزاهة قلمه يخشى الله ولا يخشى بعض الأفاكين المداهنين، فهو يكتب باسم الجميع، الفقير والغني، المثقف والبسيط، لا ينخدع ببعض المتزلفين والذين ينشدون الفائدة والاستفادة الدنيوية، فالدنيا وهم خادع وظل زائل، البعض يكتب كي يشار له بالبنان، ومن أجل كسب ميزة البروز، هكذا كاتب مصيره الفشل ولا يحقق إلا أحلامه التعيسة، وحينما يسطر المقالات والأسطر، وفي الوقت نفسه لا نجده يطبق الجزء اليسير مما يروج له ويتشدق به، هنا تكمن المعضلة الكبرى والتناقض، كونه ينشر شعارات وطنطنات لا تسمن ولا تغني من جوع، وكي لا نكون متشائمين ثمة كتاب يعملون من أجل خير ورفعة المجتمع، وهؤلاء أحرار ومستقلون وموضوعيون بطرح آرائهم وانتقاداتهم وتحليلاتهم، فهم أحرار بمعنى الكلمة، ولا يملى عليهم من قبل أي قوى خارجية أو داخلية·
بعض الكتاب يتصورون أن مسألة الكتابة، مجرد هواية وترف، وإن كتاباتهم وآرائهم المسمومة مباحة للتغلغل في أوساط المجتمع الواحد، ليعلم هؤلاء إن العملية أمانة ومسؤولية كبرى، وليست "وكالة من غير بواب"، حيث يطرحون ما تشتهيه أنفسهم الأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي·
***
الدعم الأمريكي للعدو الصهيوني باطل، والعمليات الأمريكية في بعض المدن العراقية من أجل اجتثاث الإرهاب، إذا كانت بشكل عشوائي فهي مرفوضة، ولكن بالمقابل أين هؤلاء المتحمسون والمتاجرون بقضايانا، من انتقاد بطش وتجاوزات الأنظمة الاستبدادية في العالمين العربي والإسلامي؟
freedom@taleea.com |