نلاحظ ظاهرة غريبة في الكويت بين النخب السياسية والثقافية، فما إن تتعاون إحدى النخب مع الحكومة للإصلاح نجد بعض النخب ترشقها بالسير في الفلك الحكومي والإصغاء إلى "معازيبهم" بالحكومة، وإذا تبنت إحدى النخب بعض الشعارات الإيرانية وأرادت تطبيقها قالوا عنهم إنهم يأخذون أوامرهم من "معازيبهم" بإيران، وإذا تبنت إحدى النخب بعض المبادىء الأمريكية وأرادوا ترويجها بالكويت قالوا عنهم إنهم أوامرهم من "معازيبهم" بأمريكا، وهناك من يتهمون بأنهم يتحركون من خلال أوامر "معازبيهم" في تنظيم القاعدة، وهكذا الحبل على الجرار·
لا ننكر أن هناك بعض النخب لا تخطو خطوة إلا بعد مشاورة الحكومة، ولا ننكر أيضا أن هناك من إذا اكتشفوا ثمة تجاوزا على المال العام علا صوتهم دفاعا عن حرمة المال العام، وعندما نذكر أمامهم سرقات تقوم بها القطط السمان في البلد المفتونين به، يبررون هذه الممارسات بأن الاستكبار العالمي يقف ضد هذا البلد المناضل ولا يجب ذكر سلبيات بعض قياداته لكي لا نضعفه! ولا ننكر أن البعض إذا اعتقلت الدولة أشخاص يروجون للإرهاب في البلد علت أصواتهم دفاعا عن حقوق الإنسان وحقوق هؤلاء العناصر الخطرة، وعندما نذكر لهم مجازر حركة طالبان في أفغانستان ضد الأبرياء برروا هذه الممارسات بأن طالبان قتلتهم لأنهم عملاء للغرب ويجب تطهير البلاد منهم! ولا ننكر أن البعض إذا رأوا ازدواجية الحكومة علا صوتهم معترضين، وعندما ننتقد أمامهم الازدواجية الأمريكية في العالم برروا أن أمريكا دولة عظمى وهم أدرى بسياستهم!·
نقول إن كل تيار يغني على ليلاه ويحاول إلغاء الآخر لكي يسود هو بأي ثمن، وأما الحقيقة والدفاع عنها فحسب الهوى والمصالح، نقول لهؤلاء إن "المعزب" الحقيقي هو الحقيقة والحق الذي يجب أن يدافعوا عنه، وأن يقفوا ضد كل من يحاول انتهاكه مهما كان قريبا منهم، يقول الإمام علي "عليه السلام": "الحق أبلج منزه عن المحاباة والمراءاة"، فالمخلصون يأخذون أوامرهم من الحقيقة والعدالة التي تفرض عليهم اتخاذ مواقف تصلح الأرض ومن عليها وتخرج العباد من الظلمات إلى النور وتنزع أغلال الاضطهاد والتخلف وكل ما يتعارض مع كرامة الإنسان، فإبراهام لنكولن عندما حرر السود من العبودية أخذ أوامره من الحقيقة والعدالة التي فرضت عليه تحريرهم وضرب مصالح المخالفين عرض الحائط، وليس مثل بعض الجماعات التي تلوك في أشداقها شعارات الدفاع عن المستضعفين علنا وتناصر القرارات الظالمة تحت الطاولة لكي تحافظ على مصالحها وتحصل على مكتسبات ونفوذ أكبر من خلال تأييدها للباطل حتى لو كان على حساب البلاد والعباد·
machaki@taleea.com |