لا شك أن الاتجاه السائد لدى غلاة الطرح الديني والإنتاج الفكري التكفيري هو توظيف التأويل للنصوص الدينية المقدسة والمصادر الفقهية التاريخية لخدمة منهج سياسي يتحصن بدرع الدين من أجل الوثوب إلى السلطة وتحقيق الولاية الشاملة على شاكلة نظام طالبان المتشبع بالعنف والنهج الإرهابي، هؤلاء يرتدون ثوب الإسلام حسب مقاساتهم المتخلفة ووفقا لنمط تفكيرهم المتحجر الذي ينم عن جهل بقيم الإسلام الذي غايته نشر المحبة والتسامح والسلم بين نفوس الناس وزرع بذور الخير والوئام بين البشر، فنمط التفكير الإرهابي وأسلوب التكفير هو الرابط المشترك الذي يجمع بين حركة طالبان وتنظيم القاعدة وجماعة جند الإسلام وجماعة التوحيد والجهاد وإن اختلفت أساليبهم الإجرامية في عمليات خطف الرهائن، وقطع الرؤوس للمغدورين من جنسيات متعددة، وعمليات التفجير الانتحارية التي تطال المدنيين الأبرياء مما يعبر عن أقصى درجات اليأس والقسوة المدمرة، إنه الفكر المتعصب الذي لا يعرف التسامح ولا العقل المنفتح ولا الاعتراف بالآخر ويعتمد على العنف وسيلة للوصول إلى أهدافه الرخيصة، وهو الفكر العدواني نفسه الذي يرفض عرض مسلسل "الطريق إلى كابول" ويهدد بالقتل كل من يتعامل مع هذا المسلسل، والفكر المتزمت نفسه الذي يشن تلك الهجمة الشرسة ضد الدكتورة نجمة إدريس والدكتور خليفة الوقيان بسبب كتاب الأولى المعنون "خليفة الوقيان·· رحلة الحلم والهم" و هذا هو الخيط الأساسي الذي ينسج فكرهم الديني الذي لا هم له إلا محاربة كل منتوج فكري أو مسلسل درامي عربي لا يخدم أهدافهم، ويهدر دم جميع من يخالفهم بالرأي مادام الإنسان يفكر بعقله بحرية من أجل الوصول إلى الحقيقة، ومثل هذا النمط في التفكير يحجب عن الناس رياح التغيير والحرية واحترام التعددية السياسية، ويمنع بناء الديمقراطية التي هي من أسس بناء السلام والرخاء للإنسان، وهنا يقع على الدولة واجب التدخل لتجفيف منابع هذا الفكر الإرهابي حفاظا على كيان المجتمع والدولة·