إنه اليوم الذي ننتظره حين تكون رطوبة الودق تتدلى بين الأغصان لتنسكب بين الأوراق مدادا على صحائف الأشواق!!
ذاكرتي الجميلة تتقدم دائما نحوي، تخترق سطور أفكاري، تعلم وقت حيرتي فتأتي لتهدئني ولا تدري أنها حين تذهب عني تتضاعف حيرتي ويزداد سهدي!!
هرولت يوما بعيدا باتجاه الصحراء حيث لا أحد يراني، ولم أحمل معي سوى آهاتي، وكانت دموعي هي معيني وزادي!!
وصلت الى شجرة وارفة الظلال، جلست تحتها لأمضي استراحتي، أرخيت أعصابي، أسندت ظهري إلى ساقها، سقيتها من دموعي كي تشاركني همي!!
اقتربت الشمس من مغربها، كتبت تحت ظل تلك الشجرة، بلون أشعة الشمس المنكسرة: "من هنا مر وجداني"!!
أخذت دربي نحو الشاطئ الأزرق، لعلي حين أشاهده يتوارى عني الأرق، دنوت من الرمال والصدف يتألق، لحظات غابت الشمس بعيدا، فمكثت داخل أسوار حزني وحيدا، التفت يمينا وشمالا لا أسمع حسيسا ولا أرى أنيسا!!
قررت أن أعود الى رشدي، حيث كان بالأمس معي يصحبني، أخذت مجدافا من أحد القوارب المهجورة، لأنحت كلمة تظل أسطورة على الصخر محفورة: "هنا غاصت أسراري"!!
رجعت الى الوراء برهة، أتسمر بالضوء المنبعث صدفة، من كبد السماء، أقبل شعاع المساء، إنه القمر وقد أدار للشمس ظهره، يسير الهوينا بكل خيلاء، وسط الماء وكأنه ينظر فيّ محملقا!!
تتحرك الرياح، تتلاطم الأمواج، فإذا بصرخة من القمر تدوي·· أيها الملتاع يبدو أنك تتألم؟! كان الكلام من الكوكب المغرور موجها لي، وكأنه يعلم بحالي، بادرني كيف تمضي أيامي، أجبته: إن ما تراه مني هو بعض الألم! أما كل الألم فقد سطرته في دفتر الذكريات! سيأتي اليوم الذي نكون فيه أنا وأنت في مواجهة مع الذات، متى ذلك؟ حين يكون الناس أحياء لا أموات!
mullajuma@taleea.com |