الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم، الله منح البشر الكثير من العطايا، بيد أن من أفضلها وأرفعها نعمة العقل، المؤسف أن البعض لا يكترثون كثيرا لتلك النعمة، ولا يرغبون بالاستفادة من منافع وفوائد العقل، وأدل دليل على ذلك، عدم لجوئهم الى عقولهم وضمائرهم، بل الى عواطفهم وأهوائهم، فلو لجأ هؤلاء الى عقولهم، لأضحوا من الفائزين وبمنأى عن مواضع الزلل والفتن·
وعلى سبيل المثال لا الحصر: إنه من السذاجة بمكان أن يجتمع بعض الأشخاص عندنا، ببعض المتطفلين من الخارج، ولاسيما إذا كان هؤلاء الغرباء من المرفوضين في بلدهم أصلا·
وتحت أي حجة أو ذريعة قبل البعض أن يجتمعوا بهؤلاء، فإذا كان هؤلاء لا خير فيهم لبلدهم وشعبهم، فكيف بهم أن يتقدموا لرأب الصدع بين جماعة أو أطراف متنازعة في خارج حدودهم·
من البديهي أن أولي الألباب يرفضون تماما الاجتماع بأشخاص، لا يجنون من ورائهم إلا المتاعب والمشاكل، فالعاقل من فر بنفسه وجلده من مواقع الشبهات، حتى يستقر به المقام والمكان بين أهل الحكمة والرأي، فأحكم الناس من شاور الرجال عقولهم، وأسعدهم من خالط كرام الناس·
ومما لا شك فيه، أن مسؤولية العاقل تفوق مسؤولية الجاهل الذي لا يلومه أحد بسبب ارتكابه للخطأ، وبالمناسبة عندما ننتقد هذه الجماعة، إننا لا ننكرر ماضيهم الجيد، وفي الوقت نفسه لا يمكننا أن نغض الطرف عن ترهاتهم·
البعض قد أدلى بدلوه وبإسهاب، بخصوص تلك الجماعة، والبعض الآخر طالب بأن يفتح هذا الملف على مصراعيه، لاسيما أن ثمة جماعات أخرى لديها تجاوزات مماثلة، وربما أكبر·
كما ذكرت آنفا إن نعمة العقل من أفضل النعم، فالعقل السليم يدرك ويشعر بمدى حساسية القضايا الوطنية والإقليمية، ولكن ما الخطب بالبعض، حينما يتناولون بعض قضايانا الوطنية والإقليمية شديدة الحساسية وفق مفاهيمهم الضيقة ومصالحهم الخاصة؟!
ففي الوقت الذي تتضافر فيه الجهود، للحيلولة دون الوقوع فيما هو أشد وطأة على تلك الجماعة المتورطة الآن والتي يدور من حولها الجدل واللغط، يخرج علينا أحد كتابهم، بمقال يمتدح ويصف فيه أحد رموز المراهقة في العراق (برمز التضحية!!)، بالله عليكم كيف لنا أن نهتم بمقال يسعى الكاتب من خلاله الى الاستخفاف بعقول القراء؟ فإذا كان البعض من البسطاء والمخدوعين ينطلي عليهم هكذا كلام، فإن الأحرار وأصحاب العقول الواعية يرفضون ذلك الكلام جملة وتفصيلا·
وللعلم إن هذا المراهق، مرجع تقليده قد تبرأ من أفعاله الطائشة، والتي كانت وما زالت السبب في إزهاق أرواح المئات من القتلى والجرحى، فضلا عن أن ذلك المرجع الأعلى في العراق قد رفض استقباله·
ما يدعو للغرابة والسخرية، حينما يفتري الكاتب بحق أعضاء مجلس الحكم الانتقالي، واصفا إياهم بالمنتفعين والمتمصلحين والمعترفين بشرعية المحتل، نتساءل أولا: أين الإثبات والدليل على ذلك؟ ثانيا: هل نسي الكاتب التاريخ الجهادي والبطولي الطويل لأعضاء مجلس الحكم، ولاسيما الذين قدموا الآلاف من أنصارهم شهداء ضد نظام الطاغية البائد؟ كما أنهم ما زالوا يقدمون الكثير من أجل عراق حر وديمقراطي، ولكن من الواضح أن مشكلة أعضاء مجلس الحكم أنهم لا يتفقون مع أسياد الكاتب بالخارج وجماعته بالداخل، لذلك نعي جيدا سبب هذا الهجوم السافر عليهم·
عموما البعض يراهن أو يتكهن أن ذاكرة الناس ضعيفة، ومع تقادم الأيام سوف ينسون أو يتناسون تلك القضايا الدقيقة والكتابات السيئة، بيد أن معظم القضايا المصيرية، تظل عالقة في العقل الواعي واللاواعي·
بالتالي من يملك نعمة العقل وينشد الأمن والأمان، عليه أن ينأى بنفسه وأبنائه عن تلك الجماعات المتزمتة والمزايدة باسم الدين· |