تساءل زميلي الإنجليزي عن دوافع وأسباب حادثة الشجار التي وقعت في كلية العلوم الإدارية الأسبوع الماضي، وحين شرحت له تفاصيل تداعيات ندوة "الشرق الأوسط الكبير" في الجامعة، واعتراض طلبة قائمة الوسط الديمقراطي وقائمة المستقلة على حضور نائب مجلس الأمة المتهم من قبل الطلبة بتشويه صورة الطالب والطالبة الجامعيين واتهامهم بتهم تمس أخلاقهم·· حين شرحت له تلك التفاصيل·· علق بأنه يقف في صف الطلبة·· وأنه يتمنى لو أن الطلبة ناشدوا في سياق رفضهم لزيارة النائب المحترم وطالبوا بتجميد قانون منع الاختلاط الذي يقف كعقبة في تلبية احتياجاتهم الأكاديمية·

للزميل الإنجليزي وجهة نظر أكاديمية بحتة فيما حدث·· فهو يرى أن التيار السياسي المنتمي إليه النائب الزائر لكلية العلوم الإدارية قد سبق أن سبب أضرارا جسيمة للطلبة من خلال اقتراحه لقانون منع الاختلاط الذي أصبح بالفعل يشكل عثرة في سبيل توفير المقررات الدراسية التي يحتاجها الطلبة!! بالنسبة للزميل الإنجليزي فإن النائب وتياره مسؤولان عن عدم طرح مقرر إنجليزي 126 والذي يحتاجه الطلبة لتسجيل مواد معينة، وهو ونائبه مسؤولان عن عجز وحدة اللغة الإنجليزية بكلية العلوم الإدارية عن تلبية حاجة الطلبة لشعب جديدة من مقررات اللغة الإنجليزية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة، وهما كذلك مسؤولان عن تنامي الحاجة الى مضاعفة عدد الهيئة التدريسية في وحدة اللغة الإنجليزية بكلية العلوم الإدارية عن تلبية حاجة الطلبة لشعب جديدة من مقررات اللغة الإنجليزية لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة، وهما كذلك مسؤولان عن تنامي الحاجة الى مضاعفة عدد الهيئة التدريسية في وحدة اللغة الإنجليزية، مع ما يعنيه ذلك من زيادة في العبء المالي على الجامعة الذي كان بالإمكان توظيفه لتطوير البرامج الأكاديمية، كل تلك المعوقات - بنظر الزميل الإنجليزي - سببها النائب الزائر وتياره حين أصرا على فصل الطلبة عن الطالبات في قاعات المحاضرات كخطوة أولى نحو تطبيق قانون منع الاختلاط في الجامعة، مع ما يحمله قانون كهذا من تبعات مالية وجهود مُهدرة·

لقد أثبت طلبة قائمة المستقلة وقائمة الوسط الديمقراطي أنهم أكثر قدرة على الدفاع عن حقوقهم من الكثير من المواطنين، فلقد استطاع التيار الديني السياسي أن يسيطر على التعليم والإعلام، والترفيه وسائر نواحي الحياة بما في ذلك أذواق الناس بسبب سلبية المواطن وعزوفه عن التصدي والمجابهة في سبيل التمسك بحقوقه والإصرار على مطالبه واحتياجاته أيا كان شكلها أو صورتها، وعلى ما يبدو أن النائب الزائر قد اعتاد على مثل تلك السلبية والتهاون من قبل المواطن، وعدم جديته فيما يعلن من رفض أو شجب لأمور لا يقبلها، وانطلاقا من ذلك فقد أصر على إتمام زيارته لكلية العلوم الإدارية، غير مكترث للبيانات التي أصدرتها قائمتا الوسط الديمقراطي والمستقلة ولا لمطالب أعضاء القائمتين بضرورة أن يقدم النائب اعتذاره للطلبة والطالبات عما بدر منه من إساءة لهم، فكان أن استقبلته عزيمة الطلبة، وحشودهم الغاضبة والمطالبة بالاعتذار أولا قبل التحدث داخل الحرم الجامعي والى طلبة الجامعة·

قد لا نتفق مع أسلوب الحوار بالأيدي والعراك الذي حدث·· لكن ذلك ما كان ليحدث لو أن النائب الزائر بادر بالاعتذار للطلبة بدلا من أن يصر على أنه لم يخطئ حتى يعتذر ليزيد بذلك من سخونة الموقف وليقدم للطلبة نموذجا مؤسفا ومناقضا لما يجب أن يتحلى به نائب الأمة من مسؤولية تجاه آرائه وتصريحاته·

وبين إصرار طلبة الوسط الديمقراطي والمستقلة من جهة وإصرار النائب الزائر من جهة أخرى خرج الوضع برمته عن المعهود في الحوار وأصبح الطلبة هم المتهمون على الرغم من أنهم الضحايا، وهددت الإدارة الجامعية ولوحت بعقوبات ستتخذ بشأن الطلبة، على الرغم من أنها هي التي تهاونت عن الدفاع عنهم حين اتهمهم النائب الزائر من قبل·

لقد قدمت المستقلة والوسط الطلابي درسا لنا جميعا بأن التنازل عن الحق مرة·· يعني التنازل عن كل الحقوق وفي كل مرة·

suad.m@taleea.com