| سأورد في هذا المقال بعض الأمثلة الرجعية، لو تم التخلي عنها لتبدلت أمور كثيرة عندنا للأحسن·
المثال الأول: قبل أعوام مضت، أبديت لأحد رجال الدين مدى التوجس والقلق الذي يكتنفني، بسبب مشاركته في اجتماعات غير مثالية، ترسخ العصبيات لفئات معينة ومختارة من ضمن المجتمع، وعلاوة على ذلك أن تلك الاجتماعات مقتصرة فقط على أفراد من جماعته، بدوره رجل الدين أجاب: إن الله يحث البشر على التضامن والاجتماع، والآية القرآنية صريحة وجلية في ذلك الأمر، "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" قلت له لامرية في قول الرحمن، ولكن كيف يمكن أن تلتقي الشعوب والقبائل، إذا كانت تلك اللقاءات والاجتماعات مقتصرة فقط على شريحة واحدة من المجتمع؟ للأسف، لم أتلق منه جوابا يشفي غليلي، ثم تركني الرجل وانصرف· إنها حقا معضلة، حينما يكون المسوغ والمبرر لتلك الاجتماعات بهذه الكيفية والشكل، والشيء الذي "يزيد الطين بلة" أنه في الآونة الأخيرة انتشرت هكذا أنواع من الدواوين، وتحت مسميات مختلفة تعارض اندماج المجتمع في بوتقة واحدة، وللعلم فإن الغرض الحقيقي من وراء تلك التجمعات، هو سياسي انتخابي محض·
للأمانة ما دعاني لذكر هذا الموضوع، هو أني رأيت أخيرا إعلانا في إحدى الصحف، يدعو تلك الجماعة للحضور الى تجمعهم المنشود·
المثال الثاني: منذ شهرين تقريبا، اجتمعت ثلة من نواب مجلس الأمة، في قاعة المرحوم الشيخ عبدالله السالم - طيب الله ثراه - من أجل شجب واستنكار ما يحدث في مدينة الفلوجة العراقية "فقط"، وكذلك من أجل التضامن مع الأهالي هناك، المحزن أن ذلك التجمع تعامى وتجاهل ما يحدث في باقي المدن، وكأن ما يحدث في سائر المدن العراقية، يعتبر في عالم آخر ومختلف، وبالمناسبة ذلك التجمع لم يحظ بتأييد جماهيري واسع، وحتى نسبة الحضور فيه لم تكن بالمستوى المطلوب·
المثال الثالث: "ن والقلم وما يسطرون" إن مسألة الكتابة والنقد سواء بالإيجاب أو السلب، قضية في غاية الأهمية والضرورة، بيد أن الإشكالية تكمن، في انتقاد بعض العمليات الإرهابية اللإنسانية، في بقعة من بقاع الأرض، ويتم غض الطرف عن أماكن أخرى، إن الإرهاب أمر شنيع ومرفوض، وجميع الديانات السماوية تمقته وتشجبه، لذا على الكاتب الحر، أن ينأى بنفسه عن اختياره للمواضيع بانتقائية، أو التحيز لفرقة ما·
***
نبارك لكل عملية تصحيحية تساعد على استتباب الأمن واستقرار الأوضاع في العراق، لذا على أولئك الذين أتخمت كروشهم بكل ما لذ وطاب، أن يصمتوا قليلا، وأن لا يزايدوا على أشقائنا في العراق، فأهل مكة أدرى بشعابها·
freedom@taleea.com |
