دبي إمارة صغيرة لا تتعدى مساحتها 4000 كليو متر مربع استطاعت في عقدين من الزمن أن تكون مركزا تجاريا مهما ومن أكبر مراكز إعادة التصدير في الشرق الأوسط، فالناتج المحلي الإجمالي غير النفطي 18 مليار دولار، تمثل الصادرات وتجارة إعادة التصدير ما قيمته 3 مليارات دولار، والقطاع السياحي أكثر من 3,5 مليار من الدولارات· وضمن البرنامج الحكومي استطاعت حكومة دبي تحقيق نقلة نوعية في محاربة آفة البيروقراطية والتعقيدات الإدارية بإنجاز أكثر من 500 ألف معاملة إلكترونية في مجالات الرخص التجارية ورخص البناء وإصدار وتجديد التأشيرات والأنظمة الإدارية والمخازن والمشتريات وغيرها، هذه الإمارة بفضل رجالها المخلصين والمتفانين في حب وطنهم استطاعت أن تجذب أعدادا كبيرة من المستثمرين ورجال الأعمال بقوة بنيتها التحتية واستقرارها السياسي والاجتماعي، واستراتيجيتها الاقتصادية المتحررة وفهمها العميق لأهمية البعد الدولي في التطوير والتحديث، كما أنها استطاعت تحقيق نمو متواصل في مختلف القطاعات مثل التجارة والنقل والسياحة والصناعة والقطاع المالي والأنشطة الثقافية والعلمية، لا حدود لإقامة مشروعات صناعية واستثمارية وسياحية جديدة لتنويع مصادر الدخل ورفع معدلات النمو الاقتصادي وتحرير الاقتصاد من سلبيات التبعية الاقتصادية وتذبذب أسعار النفط، إمارة صغيرة غيرت صورة أهل الخليج في أعين بعض أهل الغرب من غزاة برابرة خرجوا من الصحراء ليسفكوا الدماء ويهدموا الحضارات، الى شعب عربي يتشوق الى العالمية والإخاء الإنساني والتعرف على الآخر والانفتاح على ثقافاته وعلومه وإبداعاته الحضارية، أصحاب القرار السياسي في دبي لا يعانون من وجود أهل التزمت والانغلاق، وحكومتها لا تتخذ قراراتها في حفلة تنكرية يظهر فيها كل سياسي بوجه غير وجهه، ولا توهم الشعب أنها تعمل لخيرهم بينما هي تعمل لخير بعض المتنفذين فيها، ولا تخطب فيهم بقيم الحرية والانفتاح والرفاهية والإصلاح بينما هي الخصم العنيد الثابت لكل هذه القيم، دبي أقامت سلطتها ومؤسساتها وقوانينها لأهداف تتمثل في رعاية المصالح الإنسانية، والعمل في إطار تنظيم الحياة بتوخي الخير العام على أساس مبادئ العقل الطبيعي وقيم الدولة المدنية الحديثة، وترفض أن تخضع الى المساومات السياسية واستبداد القوى الاجتماعية المتخلفة، لذلك يجب أن تعلم حكومة الكويت العتيدة أن الاقتصاد الحديث الذي وصلت إليه دبي لم يكن نتيجة تسويات سياسية "فارغة" مع أصحاب الأصولية الدينية والفلسفة الإسلامية الراديكالية، إنما هو نتاج الكد والاجتهاد والفكر الخلاق وقوانين الانفتاح الاقتصادي والثقافي والسياحي، ويكفي أن نتأمل تطور الأحداث في محيطنا الخليجي لنرى من أين يأتي العنف الأصولي، ومن يعاني من الإرهاب الديني الآن، إنها بالتأكيد ليست دول الخليج التي تؤمن بالانفتاح السياحي والرخاء الاقتصادي والتحرر من قيود الكبت والتزمت·