رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 28 ربيع الآخر 1425هـ - 16 يونيو 2004
العدد 1632

الانتصار على الاستبداد!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

احتفلت دول العالم الغربي، أوروبا والولايات المتحدة، بمناسبة مرور ستين عاما على عمليات الإنزال في نورماندي في فرنسا وتحرير إيطاليا من الفاشية، وتعتبر هذه الاحتفالات مناسبة مهمة لاستذكار الويلات التي مرت بها البشرية خلال الحرب العالمية الثانية·· وعندما يبحث المؤرخون في أسباب الحروب فإنهم دائما يجدون عوامل أساسية تتعلق بالأنظمة السياسية التي تسببت بتلك الحروب على مدار التاريخ الإنساني، وما الحرب العالمية الثانية إلا نتاج نظام شمولي مستبد وعنصري ألا وهو النظام النازي في ألمانيا والذي تحالف مع أنظمة شبيهة في اليابان وإيطاليا وإسبانيا·· وقد دفعت البشرية ثمنا باهظا في الحرب العالمية الثانية وسقط عشرات الملايين من القتلى وعشرات الملايين من الجرحى والمعوقين·· يضاف إلى ذلك الخراب الكبير والدمار الذي كلف البلايين من الدولارات لإعادة الإعمار في عدد من البلدان في غرب ووسط شرق أوروبا·· لكن هذه النتائج الكارثية والتي تجسدت بشكل مدمر في نهاية الحرب في عام 1944 كان يمكن تفاديها لولا استيلاء هتلر وحزبه النازي على الحكم في ألمانيا ولولا التساهل الذي اعتمدته الديمقراطيات الغربية مع نظامه عند تعرضه لعدد من البلدان في أوروبا الشرقية، خصوصا التشيك وبولندا·

ربما لم تكن الأمم المتقدمة واعية بمخاطر النازية والنظام الذي اعتمدته على البلدان المجاورة وعلى شعوب أوروبا، لكنها دفعت ثمنا باهظا لذلك التساهل بعد أن تم احتلال البلدان واحدا بعد الآخر بفعل آلة الحرب الألمانية المكينة آنذاك، ولم تسلم سوى بريطانيا التي تمتعت بعزل طبيعي عن أوروبا·· بل أكثر من ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية رفضت التدخل في الحرب ضد النازية حتى وقت متأخر، ولم تصبح شريكا فعالا إلا بعد أن تم الاعتداء على ميناء بيرل هاربور في هاواي من قبل اليابانيين في صباح يوم 7 ديسمبر "كانون الأول" من عام 1941·· ولقد كان ذلك اليوم مأساويا للأمريكيين الذين اندفعوا في الحرب على اليابان بعد ذلك مباشرة·· وكما يذكر المؤرخون فإن الأمريكيين اندفعوا بعد ذلك لمساندة الحلفاء في الحرب ضد النازية حتى تحقق النصر في مايو "أيار" من عام 1945·· وقد مثلت الحرب العالمية الثانية تحديا للإنسانية وكيف يمكن أن تتعدى للطغيان والعدوان من قبل الأنظمة المستبدة التي سبق لها أن ظهرت خلال العقود والقرون السابقة من التاريخ البشري، ولابد أن تجربة الحرب العالمية الثانية قد حتمت على العالم أن يجد وسائل لمواجهة مخاطر الحروب وكيفية تفادي نشوبها·

لكن يبدو أن الذاكرة الإنسانية قصيرة، سواء كانت الذاكرة الفردية أو الجماعية، وشهد العالم الكثير من الصراعات والحروب التي تسبب حدوثها بحلول الكوارث والمآسي للكثير من شعوب العالم·· كما أن الاعتداءات على البلدان المجاورة استمرت من دون عقاب بالرغم من قيام الأمم المتحدة ووجود آليات دولية وأنظمة لمنع العدوان ومعالجة الصراعات من خلال الحوار والمفاوضات والمعالجات السلمية، وقد شهدت منطقتنا الحروب العربية الإسرائيلية وقيام إسرائيل باحتلال أراض عربية واسعة بعد حرب يونيو "حزيران" 1967 وهي لاتزال تحتل أجزاء أساسية من أراضي العرب مثل الضفة الغربية وغزة والجولان السورية بالرغم من صدور قرارات دولية واضحة تدعو للعودة إلى حدود الرابع من يونيو "حزيران" 1967·· كل ذلك حدث دون حراك من المجتمع الدولي لإعادة الحقوق لأصحابها وتحقيق السلام في المنطقة·· لكن مع ذلك لا يزال العالم ينتظر أن تنتصر العدالة وتتحقق للفلسطينيين سيادتهم في دولة مستقلة·· من جانب آخر فإن النظام المستبد الذي كان قائما في العراق زحف بعدوانه على إيران في عام 1980 وبعد نهاية تلك الحرب الكارثية العقيمة احتل الكويت في عام 1990 ودفع الأمم المتحدة والدول الكبرى لإنجاز عملية تحرير لم تكتمل بإسقاط ذلك النظام، كما حدث في ألمانيا النازية أو لنظام الميجي في اليابان في أربعينيات القرن الماضي، مما دفع إلى إنجاز حرب تحرير العراق في عام 2003 بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية·

إن هذه التجارب مع الاستبداد والعدوان والحروب تؤكد على أهمية صياغة نظام عالمي يعتمد على تحقيق الديمقراطية وقيام أنظمة محبة للسلام في مختلف بلدان العالم·· وقد أثبتت تجربة تحرير العراق أهمية توافر توافق دولي بشأن التعامل مع الأنظمة المارقة وضرورة حماية الشعوب في بلدان تلك الأنظمة وبقية البلدان من طغيانها وعدوانيتها·· لكن محاولات وضع العصي في العجلات كما حاولت بلدان مثل فرنسا وألمانيا وروسيا أن تفعل قد عطلت آليات النظام الدولي ودفعت الولايات المتحدة للانفراد معدودين مثل بريطانيا·· لابد أن تتعلم البشرية من تجارب المئة العام الماضية وكيف يمكن إزالة الاستبداد والديكتاتورية بفعل دولي جماعي يحرر الشعوب من طغاتها ويعمل على تفادي الأزمات والحروب ويفعّل قدرات البشر على التنمية·

 

tameemi@taleea.com  

�����
   

حقا إنها درة الخليج:
د·أحمد سامي المنيس
هل فقدت الحكومة حياديتها؟:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
أناقة الثماني العظام:
سعاد المعجل
نظرة إلى قوانين الطوارىء:
يحيى علامو
"الوساطة" في التعليم الشرق أوسطي:
د. جلال محمد آل رشيد
أمثلة عنصرية رجعية:
محمد بو شهري
عبء الحرية:
د. علي الزعبي
الجامعات الوافدة:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
كيف تصبح نصابا في عشرة أيام؟:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
الانتصار على الاستبداد!:
عامر ذياب التميمي
أصول العلمانية
قراءة سريعة في "كليلة ودمنة"(2-2):
د. محمد حسين اليوسفي
حلقات الذكر وحلقات الفكر (1):
فهد راشد المطيري
ولاية المرأة:
زيد بن سالم الأشهب
الأرقام تفضح الصهيونية:
عبدالله عيسى الموسوي
إنسانيون لا مذهبيون:
عبدالخالق ملا جمعة
خطوة كويتية جديدة باتجاه العراق:
حميد المالكي
تاريخ من إهدار الفرص:
رضي السماك