رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 جمادى الأخرى 1425هـ - 21 يوليو 2004
العدد 1637

مفتاح الإصلاح!
عامر ذياب التميمي
tameemi@taleea.com

أعادت عملية التشكيل الوزاري الجديد في مصر إلى الأذهان قضية الإصلاح السياسي في البلدان العربية· فكما هو معروف أن مصر من الدول العربية التي ظلت تعاني من السكون والجمود لأمد طويل، وبالرغم مما يثار في الصحافة القومية والإعلام الرسمي هناك من ادعاءات بتوجيه النظام والسلطة نحو الإصلاح فإن الآثار على الأرض محدودة، إن لم تكن غيرملموسة··· إن أي تغيير سياسي باتجاه الإصلاح الديمقراطي لابد أن يأخذ بنظر الاعتبار أهمية الإنفتاح على الأطراف المعارضة من خلال تأكيد شرعية التعددية السياسية والفكرية وتوفير المناخات المواتية لحريات التجمع وإبداء الرأي والصحافة الحرة وتمكين القوى من التنظيم على أسس قانونية شفافة··· لا يمكن الإعتداد بتوفير انتخابات بين فترة وأخرى ما دامت هذه الانتخابات لا ينتج عنها سوى انتخاب ذات الشخصيات القابضة على الحكم ومؤسسات التشريع والتنفيذ··· لا يمكن علاج المشكلات الكبرى التي تواجه المجتمعات العربية من تراجع في الأداء الاقتصادي وتخلف في مناهج وبرامج التعليم وافتقار القوى العاملة للمهنية والتقانة ومشاكل الفساد الإداري والسياسي دون وجود نظام سياسي يمكن من تداول السلطة ويعزز قدرات كل تيار لطرح برامج سياسية بديلة ودفع عناصر جديدة للمعترك السياسي·

 وإذا أخذنا نموذجا فإن الرئىس أنور السادات رحمه الله، ومنذ أن استلم السلطة بعد وفاة الرئيس جمال عبدالناصر، رحمه الله، بشر بالتغيير وأكد على أهمية التخلص من مراكز القوى، بل أقدم على عزل الكثير من أنصار المغفور له جمال عبدالناصر، خصوصاً بعد أحداث مايو (أيار) 1971··· أكثر من ذلك حاول الرئىس السادات أن يعيد هيكلة الاقتصاد المصري على أسس جديدة وشرع قانون تشجيع الاستثمار في عام 1974 ليتجاوز البيروقراطية وأعمدة الاقتصاد الموجه···· لكن ما غاب في تلك التحويلات هو القناعة بأهمية الإنطلاق بقوة نحو الديمقراطية والتعددية وإلغاء أنظمة الحزب الواحد· من الصحيح القول بأن مصر سعت منذ عام 1976 لتطوير نوع من التعددية مثل نظام المنابر ثم طورت ذلك إلى نظام الأحزاب لكن ظلت المسألة بشروط تعجيزية وإجراءات  قانونية لدرجة أن الأمور تعطلت ولم تتمكن الأحزاب المرخص لها من التحول إلى أحزاب جادة قادرة علي استنهاض قوى مجتمعية تعمل من أجل التغيير الديمقراطي من خلال قنوات دستورية شرعية··· كما ظل النظام هناك يرفض أحزاباً ذات تواجد مجتمعي وتحظى بخلفية تاريخية على مدى سنوات القرن العشرين مثل جماعة الإخوان المسلمين أو الحزب الشيوعي المصري··· هذه العوامل لم تجعل أي من الأحزاب المرخصة أن يكون بديلا للحزب الوطني الحاكم والذي أصبح نتيجة لغياب المنافسة ملاذا لكل من يسعى للسلطة أو يريد أن يحتل موقعا في العمل السياسي···

 ولاشك أن أي تطور نحو الديمقراطية والإصلاح السياسي في مصر سيكون له عميق الأثر في بلدان عربية أخرى··· وربما تساعد الدعوات القادمة من الدول الرئىسية الكبرى المتعلقة بالإصلاح بتشجيع العناصر الإصلاحية في الأنظمة السياسية العربية للانفتاح على المعارضة الديمقراطية وتعمل معها من أجل تأسيس قواعد للانطلاق لمعالجة المعضلات الأساسية في البلدان العربية··· إن من المؤكد أن إشراك المواطنين في صناعة القرار تحظى بأولوية في أي عملية إصلاح سياسية لكن يجب أن يواكب معالجات للمشكلات الاقتصادية العميقة والتي تعطل التنمية السياسية والثقافية··· قد تكون هناك عوامل كثيرة للتطرف في الحياة السياسية العربية مثل الإحساس بالتهميش الاجتماعي والسياسي وبرامج التعليم واحتوائها على مكونات التزمت الديني لكن تظل الأوضاع المعيشية وفشل الأنظمة الاقتصادية السائدة في معالجة معضلات التنمية وعدم القدرة على خلق فرص العمل، هذه العوامل تساهم كثيرا في إفشال مشاريع الإصلاح السياسي وإعطابها وعدم تمكينها من تحقيق النتائج المرجوة والهادفة لخلق مجتمعات عصرية متسامحة·

 مهما تكن هناك من مشكلات وأزمات تواجه الأنظمة السياسية الحاكمة فإن عليها عدم التردد في انتهاج مشروع إصلاح البنية السياسية والتوجه نحو الديمقراطية الحقيقية بدون تزييف، لقد مضى وقت طويل على الشعوب العربية وهي تعاني من الديكتاتورية والطغيان وتفشي الفكر الأصولي، بأنواعه كافة، التي تشربت بالفكر الشمولي ولم تتسامح مع الرأي الآخر وباتت ترى الحكام بمثابة آلهة لا يخطؤن، كيف يمكن أن تتحول إلى شعوب تعاتب وتنتقد وتحاسب حكامها وتغيير الأحزاب الحاكمة من خلال الآليات الديمقراطية الشرعية؟ قد يرى البعض أن هذه معضلة وربما يجب مراجعة مشاريع الإصلاح، لكن السؤال هو كيف تغير الشعوب دون تغيير أدوات وأساليب تعاملها مع أنظمتها السياسية؟ إن المفتاح الحقيقي للإصلاح هو منح هذه الشعوب الثقة والاندفاع نحو الإصلاح السياسي وتعزيز التعددية بكافة أطيافها وإشاعة العدالة وإقامة دولة المؤسسات والقانون·

 

tameemi@taleea.com

�����
   

"منخل" باقر:
سعود راشد العنزي
"والله وصرنا وزراء":
د.عبدالمحسن يوسف جمال
"فرقعة" الإصلاح:
د·أحمد سامي المنيس
راح أتحدى الشمس:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
صراعات فوق الوطن:
د. سامي عبدالعزيز المانع
مفتاح الإصلاح!:
عامر ذياب التميمي
"الأشغال" ترد على العتيبي:
مطلق العتيبي
"زحمه يا دنيا زحمه":
المحامي نايف بدر العتيبي
خلاف حول إنسانيتي:
عويشة القحطاني
حلقات الذكر وحلقات الفكر(5):
فهد راشد المطيري
مزيد من التشجير:
د. محمد حسين اليوسفي
لكي لا يتحول الحوار الوطني إلى شماعة أو مصيدة:
عبدالمنعم محمد الشيراوي
كيف لا تربح البنوك؟:
عبدالخالق ملا جمعة
قرار الجدار·· هل من استثمار؟:
د. جلال محمد آل رشيد
البرادعي في إسرائيل!!:
عبدالله عيسى الموسوي
وثيقة تنشر للمرة الأولى
صدام حسين أمام محكمة الشعب عام 1959 :
حميد المالكي
الصفعة الثالثة!:
رضي السماك