كلما أتانا الحر القائظ وشعرنا بلسعاته الحارقة التفتنا يمنة ويسرة لنبحث عن اللون الأخضر ليخفف عنا وهج الشمس الشديد وحره اللاهب، وكبلد صحراوي لا أنهار به ولا بحيرات عذبة تبدو عملية التشجير كصراع مع الطبيعة، فكل الظروف المناخية تحول دون التوسع في الإكثار من المسطحات الخضراء، لكن إرادة الإنسان وعزيمته وحسن تخطيطه واستغلاله للمتاح من الموارد تذلل - ولو جزئيا - معوقات الطبيعة وقواها القاهرة، ولا أدل على ذلك من تباين المساحات الخضراء بين مناطق الكويت السكنية، فمنطقة مثل القرين والعدان، والقصور ومبارك الكبير" نجدها خضراء بكثافة، في حين يصعب عليك أن تجد شجرة في منطقة النقرة وحولي·
اهتمامنا بالزراعة التجميلية يجب أن يبدأ بمعرفة فوائدها، فهي تلطف الجو، وتخلق مظلات طبيعية تقي من أشعة الشمس الحارقة، وهي أيضا تمتص التلوث وبالذات غاز ثاني أكسيد الكربون المنبعثة من عوادم السيارات، فضلا عن ذلك فهي تمثل مصدات طبيعية تخفف من تسرب الأتربة والغبار، وإذا ما اتفقنا على أهمية الزراعة التجميلية فلا بد من وضع خطة وطنية للتشجير واتخاذ إجراءات صارمة لتطبيق تلك الخطة·
وأعتقد أن أفضل وسيلة عملية لإكثار الأشجار هي زراعتها في جوانب الطرق، وهذا ما نراه حاصلا ولكن بتفاوت شديد، فالطرق الطويلة كطريق خادم الحرمين الشريفين أو الدائري السابع أو خط العبدلي والصبية وكل الطرق الأساسية لا بد من زراعتها بأكثر من صف من الأشجار، أما بخصوص الشوارع الداخلية فلا بد أن لا نترك شارعا إلا وزرعنا جوانبه بالأشجار، ثم إن الاهتمام بالعناية بتلك الأشجار من التقليم والقطع وإعادة الغرس للميت منها أمر ضروري، وليس هذا فحسب، بل لابد من إلزام أصحاب البيوت والبنايات، بالذات في المناطق التجارية فضلا عن المحلات، إلزام هؤلاء بزراعة عدد من الأشجار تتناسب والمساحات المتوفرة·
ثم لا بد من الإكثار من الحدائق في جميع المناطق حتى التجارية منها، وزراعة تلك المساحات التي تم تحديدها على أساس أن تكون حدائق وأهملت ولم يتم زراعتها، وهذه المساحات كثيرة في جميع المناطق النموذجية، ومن المؤكد أن حملة إعلامية واسعة مطلوبة للتشجيع على الزراعة، لا تلعب فيها وسائل الإعلام الدور الرئيسي فحسب، بل أيضا المدرسة وجمعيات المجتمع المدني· إن غرس مفاهيم العناية بالأشجار والمحافظة على الناحية الجمالية للبلد لا بد أن تكون إحدى أهداف العملية التربوية·
كويتا خضراء تعني كويتا أكثر نقاء في جوها وألطف درجات في حرارتها·
alyusefi@taleea.com |