رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 جمادى الأخرى 1425هـ - 21 يوليو 2004
العدد 1637

لكي لا يتحول الحوار الوطني إلى شماعة أو مصيدة
عبدالمنعم محمد الشيراوي
???? ??????

إن ما يحدد طبيعة أي حوار بين طرفين أو أكثر هو وجود مصالح ورؤى متناقضة تحاول مختلف الأطراف المشتركة في هذا الحوار التوصل من خلال التحاور بشأنها الى بلورة أرضية مشتركة من خلال تنازل مختلف الأطراف المشاركة عن مواقفها في القضايا التي يتضح من سير هذا الحوار عدم مساس هذه التنازلات بالقضايا والمصالح الأساسية التي يراها أو يطالب بها· وفي الحالة البحرينية التي كثر المنظرون والمتداخلون فيها، بعضهم (وهذا حق له لا يمكن لأحد أن يسلبه إياه) يود المساهمة بالرأي والمشورة والبعض الآخر يتعمد من خلال مداخلاته وكتاباته خلط الأوراق وتبسيط الأمور بل تسطيحها لغرض في نفس يعقوب·

لكن دعونا نفكك فحوى الدعوة وأطرافها من خلال الاتفاق أولا على ما يلي:

أولا: في الحالة البحرينية المتعلقة بالملف الدستوري، ليست هناك في حقيقة الأمر أطراف كثيرة متعددة تحمل رؤية وتصورات مختلفة ومتناقضة بالشكل الذي يتطلب مشاركة واسعة في الحوار·

ثانيا: يمكن تحديد الأطراف التي تحمل قراءة مختلفة تستدعي رؤية مخالفة للحلول عن بقية أطراف الحوار بما يلي:

1) الحكومة التي إما بسبب عدم ثقتها في المواطن ومختلف التيارات والقوى السياسية التي تمثله أو بسبب تسيد وهيمنة عقلية الاستحواذ والتفرد بعملية صنع القرار عملت على وضع صمامات أمان كثيرة من خلال صياغة المواد الدستورية ورفض الاحتكام والتوافق عليها لأنها لها رؤيتها الخاصة·

2) الجمعيات المقاطعة ولها رؤية في ضرورة الالتزام بعقدية الدستور ومنع حق الاستفراد من أي طرف بتعديله دون التوافق مع الإرادة الشعبية ممثلة بالنواب المنتخبين وحصر الحق التشريعي والرقابي بالمجلس المنتخب، وضرورة تجاوز كل القوانين التي تتناقض مع النصوص الدستورية وحرية التعبير وحقوق المواطن·

3) هناك تيار واسع وعريض من المواطنين غير المنتمين للجمعيات المقاطعة يتصدرهم الذين مازالوا قابضين على الجمر من أعضاء التجمع الدستوري والذين ليس لهم شكل أو شخصية اعتبارية رسمية· هذا التيار يتفق في رؤيته ومطالبه وأولوياته مع الجمعيات المقاطعة ولكنه يعطي أهمية خاصة للطبيعة التعاقدية للدستور وعدم استفراد أي طرف بإجراء أي تعديلات عليه دون توافق ممثلي الشعب معه على ذلك· والمشكلة أنه رغم دعوة الجمعيات المقاطعة للشخصيات والفعاليات الوطنية غير المستقلة للمشاركة في المؤتمر الدستوري إلا أنها تجاهلتها فيما بعد بل واتخذت قرارات مخالفة لقرارات المؤتمر الدستوري دون الرجوع لها أو مشاركتها أو استشارتها!· بل لم تكلف قيادة جمعيات التحالف الرباعي خاطرها وتطلب من المستقلين اختيار أو انتخاب من يمثلهم في عملية صنع القرار!! وكأن لسان حالها يقول لهم "إنكم تكملة عدد لا غير ولا نحتاجكم إلا للبصم على قراراتنا!!"·

4) الجمعيات التي شاركت في اللعبة البرلمانية (المنبر التقدمي والوسط العربي الإسلامي) التي تتفق مع الجمعيات المقاطعة في حصر التشريع والرقابة بالنواب المنتخبين وضرورة تجاوز كل القوانين التي تتناقض مع النصوص الدستورية وحرية التعبير وحقوق المواطن رغم قناعتها بعدم أهمية آلية تعديل الدستور وكونه يمثل توافقا وصيغة عقدية بين الشعب والحكم·

5) المنبر الإسلامي الذي يختلف جزئيا عن رؤية الدولة وإن كان يتفق معها في الكثير من القضايا ويختلف معها في نسبة النواب المنتخبين إلى المعينين وضرورة منح صلاحيات أكبر ودور أهم للنواب المنتخبين من الناحية التشريعية والرقابية·

وعلى هذا الأساس فإن الزج بأي تيارات وقوى أخرى أو أعضاء مجلس الشورى إنما هو محاولة لتعزيز وتغليب وجهة نظر معينة ومحاولة التأكد من تسيدهاخلال الحوار والخروج بنتائج تخدم الطرف الحكومي والنظام، الأطراف الداعمة لأجندته والمنتفعة من مكارمه وهباته· والواقع إنه إذا ما صفت النيات وتخلت الدولة وممثلوها عن المراوغة والتصريحات المتضاربة كما لمسنا ذلك مما نشرته الصحافة بعد مقابلة وزير العمل للتحالف الرباعي والجمعيات التسع والتي من الصعب وضعها جميعها في خانة واحدة حيث  إن بعضها لم يستطع أن يجد 50 عضوا لعقد جمعيته العمومية، فان الحوار يمكن أن يكون مثمرا وبالتالي لا حاجة لوجود وكلاء في حضرة صاحب الدعوى والطرف الأساسي في الحوار ألا وهو الدولة·

لكن الأهم في مسألة الحوار هو التأكيد على عدد من الحقائق والثوابت هي كما يلي:

1) يدعي البعض بأن نسبة المقاطعين للانتخابات النيابية عام 2002 والتي بلغت حسب الأرقام الرسمية نسبة تصل إلى نحو %48 لا تمثل نسبة المواطنين الذين لا يتفقون مع نصوص التعديلات الدستورية ولا مع آلية تعديلها ويرون تعارضها ليس فقط مع نصوص ميثاق العمل الوطني الذي تم قبوله والموافقة عليه بأغلبية ساحقة بل ومع التفسيرات التي قدمها النظام والوعود والتعهدات التي أطلقها قبل التصويت عليه والتي تعتبر جزءا لا يتجزأ من نصوصه· والرد على ذلك بسيط ومقنع، حيث إنه من الصعب وجود من لم يصوت دون قناعة أو وجهة نظر قادته إلى الامتناع عن مزاولة حقوقه في ظل كل الترهيب والترغيب الذي مارسته الدولة وأجهزتها وإعلامها قبل وخلال فترة الانتخابات بما في ذلك ختم وثائق الجنسية وشهادات المشاركة وترويج الإشاعات!!·

2) بالمقابل فمن حق المقاطعين ولو من باب درء الشكوك أن يشككوا في نسبة المشاركين على أن نسبة ولو بسيطة منهم قد شاركت نزولا لسياسات الترهيب والترغيب مما قد يؤدي إلى ترجيح نسبة المعترضين على نصوص التعديلات الدستورية وآلية تفعيلها بحيث تصل نسبتهم إلى ما يتعدى %50 من المواطنين الذين يحق لهم الانتخاب، فإذا أضفنا لذلك نسبة الذين صوتوا من المنتسبين للداخلية والدفاع وحملة الجنسية المزدوجة والمجنسين، فإننا سنصل إلى حقيقة وجود أزمة ثقة أنتجت أزمة دستورية وأدت إلى تراجع التوجه الإصلاحي أو مراوحته بعيدا عن الأهداف الحقيقية المرجوة من إطلاقه·

3) إن بناء الثقة يحتاج إلى طرفين يعملان على بنائها وتأسيس أرضية ثابتة لها ورعايتها في بيئة تسمح بنموها وترعرعها، وخلق أجواء من المصارحة والشفافية بعيدا عن توظيف أبواق الدعاية والتهليل التي لا تستطيع العيش إلا على تحريض الدولة ضد مواطنيها وقواها الوطنية·

4) إن العقلية الأمنية وعقلية الهيمنة والاستفراد بالقرار والتسلط هي نتاج مرحلة وأيديولوجية أسست لها ثقافتها الخاصة (Culture)  وفكرا مهيمنا على الكثير من الفعاليات التي ساهمت وتحكمت في الوطن خلال عقود طويلة، وبالتالي وكما هي الحال حتى في المؤسسات والشركات، فإن تغيير هذه الثقافة وإحلال ثقافة المشاركة والممارسة الديمقراطية والشفافية ومحاربة الفساد تحتاج إلى فعاليات وعناصر وأجهزة تحمل الثقافة البديلة وتستطيع ممارستها ورعايتها ونشرها· وعليه فإنه من الضروري لنجاح الإصلاح والتغيير والتطوير أن يجري ذلك من خلال فعاليات وأجهزة وقوى لها مصلحة حقيقية في الإصلاح والتغيير وتحمل ثقافته وتدافع عنه، وليس القوى والفعاليات والعناصر والأجهزة التي تتضرر منه وتفقد امتيازاتها ومكاسبها عبر تطويره·

لكن البداية للذي يريد فعلا لا قولا معالجة الإشكالية الدستورية التي أوجدها وخلقها تجاهل الدولة لنصوص الميثاق الوطني والتفسيرات والعهود التي أطلقها رموزها، يأتي ذلك عن طريق تفكيكها والتعامل مع الخلافات والرؤى الأساسية قبل الدخول في الجزئيات والاختلافات الفرعية، فموضوع الصفة التعاقدية للدستور وحصر الحق التشريعي والرقابي بالمجلس النيابي المنتخب نقاط أساسية لابد من التعامل معها أولا، وبالتالي فإن توجه الدولة للحوار مع الجمعيات المقاطعة كبداية لحل هذه الإشكالية، قرار صائب شابه عدم وجود أي أطراف تمثل التيار العريض المستقل من المقاطعين· نقول ذلك لأن بيت القصيد في اختلاف وجهتي نظر جمعيتي المنبر التقدمي والوسط الإسلامي عن الجمعيات الأربع المحصور بهذه النقطة فإن تم حلها فإن بقية القضايا يمكن مناقشتها في حوار وطني موسع تحضره مختلف الأطراف التي ذكرناها أعلاه، "وما زاد الطين بلة" هي تلك التصريحات التي نشرتها الصحافة بعد اللقاء سواء على لسان أطراف وممثلي الدولة أو من قبل رموز هذه الجمعيات التي صنفت الآلية كقضية ثانوية يمكن الاتفاق عليها فيما بعد!!· بل تمادى بعضها في المزايدة على تخفيض سقف توقعات ومطالب المواطنين وكأنه يملك الحق والتفويض بذلك!!· فإذا عدنا لتصريحات وزير العمل ممثلا للدولة والمقابلة التلفزيونية التي أجرتها قناة العربية، فإن تصريحاته التي أعقبت اجتماعاته بالجمعيات الأربع والجمعيات التسع لا توحي بجدية في التعامل مع الأزمة الدستورية أو الاعتراف بها أو بحق هذا العدد الكبير من المواطنين الذي يرفض الالتفاف الذي تم على الميثاق والوعود في  فبراير 2002· بل يمكننا قراءة إشارات لا توحي بإيجابية النظرة للحوار والتحاور بل بمحاولات كسب الوقت وتمييع القضية ودفع الجمعيات الأربع إلى الزاوية مستخدما مواقف وتصريحات وحساسيات الجمعيات التسع الأخرى· بل إن حديثه التلفزيوني يعطي مؤشرات خطيرة عن جدية هذا الحوار وحقيقة النوايا والدور الذي يلعبه سعادة الوزير والمعارض السابق· والسؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو هل ما نشهده حوار أم أنه مصيدة تدخل إليها الجمعيات الأربع بأرجلها؟! والسؤال مبني على مؤشرات مسودة قانون الجمعيات السياسية المقترح والذي يشترط للترخيص ومزاولة النشاط الاعتراف بدستور 2002؟!·  

وعلى هذا الأساس فإذا كان لا بد من حوار وطني موسع تشارك فيه الأطراف التي تحمل رؤية وأجندة مختلفة عن الآخرين، فانه لمن الضروري ملاحظة ضرورة حسم موضوع أساسي ألا وهو طبيعة الدستور التعاقدية التي تتطلب اتفاق الطرف الشعبي عبر ممثليه الحقيقيين والحكم وعدم حق أي طرف أن يجري تعديلات مستقبلية إلا عن طريق الحوار والنواب المنتخبين (آلية التغيير والتعديل)· كما يجب حسم موضوع الأسس التي يجري الحوار على أساسها خصوصا وأن سعادة وزير العمل كان واضحا بحيث لا يدع مجالا للشك بوجود نية حقيقية للتحاور أو حتى اللقاء في منتصف الطريق·

فإن تم حل هذه المعضلات، عندها، وعندها فقط، يمكن الحديث عن حوار وطني موسع على أن يتم دعوة عدد من الشخصيات الوطنية والتي كانت ومازالت تمتلك رؤية محددة ولها وزنها السياسي والوطني كالوجيه جاسم مراد والسادة علي ربيعة وهشام الشهابي وسعيد العسبول ومحمد جابر الصبّاح والرمزين الوطنيين أحمد الشملان وسماحة الشيخ عبدالأمير الجمري لو سمحت بذلك ظروفهما الصحية للمشاركة فيه· نقول ذلك ونحن ندرك أن الصفة التي تحملها تلك الشخصيات والرموز الوطنية أحق بحضور هذا الحوار من دعوة أعضاء وفعاليات مجلس الشورى المعين والتي لا تحمل صفة تمثيلية غير تمثيلها للدولة والدولة في غير حاجة لمحامين وخبراء لشرعنة وتقنين أفعالها ففي حوزتها الكثير منهم·

*كاتب بحريني

�����
   
�������   ������ �����
تسييس الغرفة
إن عدتم عدنا ولن يصح إلا الصحيح
حادث حافلة الشرطة·· أبعاده وتداعيات المواقف السياسية حوله
ما أشبه الليلة بالبارحة
عن أي ديمقراطية يتحدثون؟!
عفـوا سعــادة السفـير
"حدث العاقل بما لا يليق فإن صدق فلا عقل له"
كفاكـم خلطا للأوراق
ألم يحن الوقت لكي يرحلوا؟
ندوة لندن وتداعياتها
"سقوط الأقنعة"
ملف التجنيـس ما له وما عليه
لا ليست أزمة مواقف مبدئيه بل أزمة مبادىء يارفيق
التيار الوطني الديمقراطي وحوار الطرشان
وحدة التيار الديمقراطي التقدمي كيف ومتى وعلى أي أساس؟ 2
وحدة التيار الديمقراطي التقدمي كيف ومتى وعلى أي أساس؟ 1
هل ارتضينا للمجلس النيابي والقوى الوطنية أن يكونا ويظلا ظاهرة صوتية
 

"منخل" باقر:
سعود راشد العنزي
"والله وصرنا وزراء":
د.عبدالمحسن يوسف جمال
"فرقعة" الإصلاح:
د·أحمد سامي المنيس
راح أتحدى الشمس:
م. مشعل عبدالرحمن الملحم
صراعات فوق الوطن:
د. سامي عبدالعزيز المانع
مفتاح الإصلاح!:
عامر ذياب التميمي
"الأشغال" ترد على العتيبي:
مطلق العتيبي
"زحمه يا دنيا زحمه":
المحامي نايف بدر العتيبي
خلاف حول إنسانيتي:
عويشة القحطاني
حلقات الذكر وحلقات الفكر(5):
فهد راشد المطيري
مزيد من التشجير:
د. محمد حسين اليوسفي
لكي لا يتحول الحوار الوطني إلى شماعة أو مصيدة:
عبدالمنعم محمد الشيراوي
كيف لا تربح البنوك؟:
عبدالخالق ملا جمعة
قرار الجدار·· هل من استثمار؟:
د. جلال محمد آل رشيد
البرادعي في إسرائيل!!:
عبدالله عيسى الموسوي
وثيقة تنشر للمرة الأولى
صدام حسين أمام محكمة الشعب عام 1959 :
حميد المالكي
الصفعة الثالثة!:
رضي السماك