من غير الطبيعي أن يكون الوطن في الصفوف الخلفية في أجندة أولويات التيارات والكتل السياسية الكويتية، فمن السلبيات الملاحظة في العمل السياسي التنظيمي أن الاختلاف أو الخلاف في أغلب الأحيان أيديولوجي فكري، في حين أن ما يحتاجه البلد والمواطن المغلوب على أمره هو الاختلاف التنموي لتبدأ عجلة الإصلاح المنشود بالدوران، حسبي هنا أنني أسلط الضوء على غياب المصلحة الوطنية في ضمير جهابذة السياسة "إلا من رحم الله"، وضياع مستقبل الأمة بين أمواج الصراعات العاتية وبين مجاميع تنظيمية لا تقبل ولا تتعايش مع الآخر، بل إنها لا تعترف به كجزء من النسيج السياسي، ناهيك عن أن تلك الكتل تمرست على إلغاء كيان بعضها البعض، وقد تكون هذه الصراعات الطاحنة التي قد تصل الى كسر العنق خفية على رجل الشارع العادي، ولكن هي في الأصل من وجهة نظر شخصية السبب الرئيسي في توقف عجلة التنمية والتقدم في مؤسسات الدولة وضياع حقوق المواطن·
وقد يدعي مدع بأن الحل الأمثل لمشكلات المجتمع المتراكمة هو إصلاح الجهاز التنفيذي وتقويمه، وندعي أن هذا القول فيه الشيء الكثير من الصحة ولكن بأدواتنا وإمكاناتنا كأفراد نشكل الطيف السياسي في البلاد قد نختلف في كيفية إصلاح السلطة التنفيذية، كما أننا قد نتباين أيضا في مدى أهمية إصلاح مجلس الوزراء من عدمه "وكل يغني على ليلاه"، لذا نحن بحاجة الى رؤى تتوسد الأرض وعلم جيد بما نملك من مقومات لبداية خطوات عملاقة لتطور ينشده الجميع على الأقل على مستوى الشعارات البراقة·
هنا بالذات نحتاج الى وقفة جريئة مع أنفسنا للتخلص من عقدة "الآخر" إن جاز التعبير، والتعاطي مع الغير رغم الاختلافات الفكرية والعقائدية بنمط أكثر واقعية وأقل حدة من خلال البحث عن قواسم مشتركة لتأسيس أرضية صلبة يتم الانطلاق منها لتحقيق ما هو مفيد للتجربة السياسية الديمقراطية الكويتية·
علينا أن نعي أن هذه معضلة وهذه أسبابها وأن حل هذه المعضلة يكمن في تكاتف القوى السياسية والاتفاق على برنامج إصلاحي وطني أو لنسمه ما شئنا من تسميات، فالمهم هو مضمون هذا البرنامج، ولنبتعد عن التكسب والارتزاق السياسي المقيت، وعلى كل من يسعى للانتصار لعقيدته السياسية على حساب العقائد الأخرى أن يحاول تحوير أفكاره وأدواته للانتصار من أجل وطن يحتاج منا الكثير ولا يشغل حيزا وافرا في عقولنا، ربما يكون هذا حلما في أذهان بعض المتحفظين، وإنني أقول إن أعظم مكاسبنا السياسية الحالية كانت أحلاما شاهقة، وعلى من يريد الإصلاح في هذا الوطن أن يقوم بأول خطوة لتحقيق الحلم وهو الاستيقاظ من النوم، فكفانا نوما· |