تتميز الولايات المتحدة الأمريكية عن كثير من بلدان العالم - بوجود جانب واسع وكبير من الإيجابيات والأفكار التنويرية بمختلف نواحي الحياة التي تفتقدها كثير من دول العالم، كأن تواجه هذه الإيجابيات من قبل بعض الدول، حينما تتلمس أن هذه الإيجابية سوف تؤثر على سياستها وأفكارها حينما تراها في وجهة نظرها سلبية·

ولكن في الواقع قد تكون هذه الإيجابية انطلاقة فعالة في تحقيق كثير من تطلعات وآمال وطموحات الشعوب وتنميتها لمواكبة التطور المستمر·

ومن هذه الإيجابيات التي تنفرد بها الولايات المتحدة الأمريكية هو وجود نمط كبير وواسع من الحرية وإبداء الرأي والاستماع للرأي المخالف من دون ضغوط أو قيود قد تتحول للشخص المبدي رأيه كما هو منتشر في بعض الدول غير الديمقراطية، أو التي يفتقد بها بعض الجوانب الإيجابية لمفهوم الديمقراطية التي تعرف "أولا وأخيرا، سلوك ساحة التجربة العملية والممارسة الفعلية"· أما الدستور فهو "صمام الأمان النظري لصحة الممارسة، وسلامة التطبيق، والبعد عن الانحرافات"·

كما أن من الإيجابيات الأخرى التي تتميز بها الولايات المتحدة الأمريكية هو وجود قاعدة كبيرة من المعلومات والبيانات والدراسات والبحوث والكتب التي قد يصعب في بعض الأحيان نشرها أو تداولها أو وصولها الى بعض الهيئات والمؤسسات والمراكز الثقافية والعلمية في بعض الدول· كما توجد بهذه الدول الحواجز والمصاعب والعوامل المعيقة والتي تختلق من قبل بعض المنغلقين فكريا وعقليا في ترويج هذه المعلومات والدراسات والبحوث والكتب، ومما لا شك فيه أن الكثير من هذه المعلومات والأحداث والحكايات والواقع صحيحه وموثوقة من ناشريها· وسبب كل هذه الأمور المفتعلة هو عدم تلائم وتوافق رأي الطرف الآخر معها في تقبل الحوار والنقد البناء ومحاولة تحجيم وتصغير الرأي الآخر·

فشخصيا، سمحت لنا الظروف خلال تواجدي في أمريكا للتحضير للدراسات العليا في بعض أوقات الفراغ بالاطلاع والقراءة والرؤية على المعلومات والحقائق والأحداث، قد تكون مرت عليها سنوات عديدة قابلة للنسيان، ولكن بعض الأحداث الجديدة قد يفيد التاريخ نفسه·

فمن قراءتي لمذكرات مستر همفر (الجاسوس البريطاني في البلاد الإسلامية) خلال عام 1710· حيث يرد في مذكراتها وضع العراق حينما قام بزيارتها أثناء تلك الفترة فيقول "في سفرتي الى العراق وجدت ما يثلج الصدر، فقد كانت الأوضاع العامة والخاصة تنذر بنهاية الحكم فالوالي من قبل الآستانة رجل مستبد جاهل يحكم بما يشاء، وكأن الناس عبيد وإماء له، والشعب بصورة عامة غير راض عنه، فأهل الشيعة الحكومة تضغط على حرياتهم، ولا تعير لهم أهمية وأما أهل السنة فلأنهم يأنفون أن يحكمهم رجل تركي وفيهم الأشراف والسادة من آل الرسول صلى الله عليه وسلم الذين يرون أنهم أحق بالحكم من الوالي التركي·