رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء26 محرم 1 صفر 1420هـ 12 - 18 مايو 1999
العدد 1376

لمســــات
الديمقراطية.. والقوى السياسية في الكويت!
د· بدر نادر الخضري

بالمصادفة وقع بين يدي كتيب يباع بإحدى المكتبات بالولايات المتحدة الأمريكية يحتوي على 95 صفحة بعنوان "ديمقراطية الـ··· وأسرار الحياة السياسية في الكويت" مؤلف هذا الكتيب غير معروف حيث إن اسمه لم يظهر على غلاف الكتيب، ولكنه يشير في مقدمته، الى أنه كان له شرف العمل في الصحافة الكويتية· ولا أعلم شخصيا إن كان هذا الكتيب ممنوعا في الكويت أم لا·· على العموم يتميز هذا الكتيب بالطرح العقلاني البعيد عن النفاق المكشوف في بعض الكتب الصادرة عن الكويت والتي دائما تبين الإيجابيات وتكشف السلبيات في بعض الأحيان ولكن هدفها التشفي والحقد والاتجار بالكلمة على حساب الحقائق والوقائع والأحداث·

يقول المؤلف إنه عايش التجربة الديمقراطية البرلمانية وتابع ثلاث معارك انتخابية جرت في البلاد لانتخاب أعضاء مجلس الأمة، وهو المجلس الذي تعرض للحل مرتين خلال عشر سنوات، كانت الأولى في صيف 1976 والثانية خلال صيف 1986· ثم يشير الى "أن الديمقراطية الكويتية تتميز بنوع فريد من الديمقراطية السياسية في الكويت حيث إنها تجربة مثيرة فيها الكثير من المفاجآت السارة والمؤلمة· فالنظام السياسي في الكويت يقوم في الأساس على حكم آل الصباح يقوده الأمير ويعاونه ولي العهد وأعضاء الحكومة التي تتشكل بعد انتخاب أعضاء مجلس الأمة·

ويرجع المؤلف "فضل تأسيس هذه الدولة العربية النشطة وقيادة أمورها طوال 200 سنة حافلة بالتغيرات الإقليمية الى قيادة آل الصباح وإلى بعض العائلات التي كانت تعيش في ذلك الوقت بهذه البقعة على صيد السمك والغوص في أعماق الخليج العربي"·

يكشف الكتيب عن مدى وجود قوى سياسية متناقضة داخل المجتمع الكويتي الذي يتمتع بمستوى معيشي رفيع لم يصل إليه أي شعب في العالم تقريبا·· حيث يوضح المؤلف ملامح القوى السياسية المتصارعة في البلد حتى عام 1986، فظهرت مجموعة القوى اليسارية بقيادة الدكتور أحمد الخطيب، في مقابل ثلاث مجموعات تمثل القوى اليمينية المحافظة وهي مجموعة كبار التجار والرأسماليين بقيادة السيد عبدالعزيز الصقر رئيس غرفة تجارة وصناعة الكويت في ذلك الوقت، والمجموعة الدينية المتطرفة بقيادة جمعية الإصلاح الاجتماعي التي تشبه في أسلوب عملها جماعات الإخوان المسلمين، ومجموعة الأقلية الشيعية التي تحارب اليسار دون أن تتعاون مع اليمين لخلاف أساسي حول الانتماء القومي·

 

المجموعة اليسارية

 

يؤكد المؤلف "أن وصف هذه المجموعة باليسارية فيه بعض المبالغة اللفظية، إذ إن حقيقة هذه القوى هي أنها صاحبة التيار القومي العربي المرتبط بحركات التحرير العربية ودعوة الوحدة القومية· ويؤكد كذلك أن قادة اليسار الكويتي ليسوا من القيادات الماركسية التي تلصق بهم من قبل بعض الجماعات الدينية المتطرفة أو أنه غير صحيح إطلاقا أنه امتداد طبيعي للأيديولوجية الماركسية في المنطقة قبل سقوط الاتحاد السوفييتي عام 1991·

فقد نشأت القوى اليسارية بين صفوف الشباب الذين أتيحت لهم فرصة التعليم في الداخل والخارج، وتكونت القيادات الأولى من بين الطلبة الذين كانوا في مرحلة الدراسة وظهر الدكتور أحمد الخطيب كأول زعيم كويتي من خارج العائلة والعائلات الكويتية الرئيسة التقليدية، وهو من عائلة متواضعة ولكنه استطاع أن يجمع حوله بعض الشباب المتحمسين لقضاياهم القومية، وبرز منذ مطلع الخمسينيات كرجل سياسة يملك موهبة التأثير في الآخرين الى جانب قدرته على التنظيم وحشد القوى التي تؤيده في تطلعاته السياسية والأيديولوجية بالإضافة الى تحركاته خارج الكويت وإقامته علاقات مع القوى العربية التي تسير في هذه الاتجاهات الفكرية العقائدية نفسها"· "واستطاع الدكتور الخطيب أن يبرز على سطح الحياة السياسية بصورة شبه شرعية عندما قام بتأسيس (نادي الاستقلال) وهو عبارة عن جمعية اجتماعية ثقافية من تلك التي تشرف عليها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، إلا أن نادي الاستقلال كان في الواقع حزبا سياسيا بالمفهوم الحقيقي، ولكن قوانين البلد تمنع قيام الأحزاب السياسية·

وعندما نالت الكويت استقلالها، واستقر رأي الأمير عبدالله السالم حاكم الكويت على اختيار نظام الحكم البرلماني وأجريت أول انتخابات عامة ودخل الدكتور الخطيب مع مجموعة من الشبان، فقد استطاعوا أن يظهروا كقوة سياسية معارضة ذات تأثير مباشر في السياسة الداخلية والخارجية للحكومات المتعاقبة· وإلى جانب مجموعة الدكتور الخطيب كانت هناك مجموعة أخرى بقيادة السيد جاسم القطامي تدعو الى الاتجاه الوحدوي، فتم التعاون والتنسيق بين مجموعتي الخطيب والقطامي داخل البرلمان وكان لهما تأثير في السياسية الداخلية والخارجية·

وفي مطلع الستينيات أصبحت مجموعة الخطيب تمثل المعارضة السياسية الرسمية والفعلية في الكويت فقد كان لهذه المجموعة أربعة نواب في مجلس الأمة، كما كانت لهم مجلتهم الأسبوعية (الطليعة) التي كانت تعبر عن آرائهم في مختلف القضايا المحلية والعربية والدولية"·

لقد استطاعت هذه المجموعة النشطة خلق تيار رافض داخل المجتمع وخصوصا داخل صفوف الشباب والطلبة الجامعيين ويسيطر هؤلاء بفعالية فذة على اتحاد الطلبة منذ إنشائه·· ولكن الحكومة تنجح دائما في استقطاب هؤلاء الطلبة وتغريهم بالوظائف العليا والمناصب التي تجعلهم يخففون من حدة معتقداتهم وأفكارهم وبعد صدور مرسوم حل مجلس الأمة في 29 أغسطس 1976، ومرسوم تعديل قانون المطبوعات بادرت الحكومة الى إغلاق نادي الاستقلال وتحويله الى مقر لجمعية المعاقين! كما أغلقت مجلة (الطليعة) التي كانت لها الدور الفعال في إبراز القضايا الحساسة·

مجموعة غرفة التجارة

هذه المجموعة كما يشير إليها المؤلف تمثل الاتجاه اليميني وهي المستفيدة من الأوضاع السياسية القائمة في البلاد والنظام الاقتصادي الحر السائد فيها· ويتزعم هذه المجموعة السيد عبدالعزيز الصقر رئيس الغرفة وأول رئيس لمجلس الأمة وهو عميد عائلة الصقر التي تتمتع بقوة اجتماعية·· يقال إن آل الصقر كانوا قبل ظهور النفط أغنى عائلات الكويت لأنهم كانوا يسيطرون على التجارة· وهذه المجموعة تتعاون مع الحكومة دائما للحفاظ على مكاسبها ووضعها الاقتصادي المميز، ويشير المؤلف كذلك الى أن التفكير السياسي للمجموعة تمثل في الاتجاه القومي العربي المعتدل، فهي تسارع الى تقديم الدعم المالي لدول المواجهة العربية، وفي كل حرب عربية إسرائيلية تبادر الى تشكيل اللجنة الشعبية لجمع التبرعات وتقدم حصيلة تلك الجهود الى الدول العربية المحاربة، وتميل كذلك الى تعاون الكويت مع الدول العربية المعتدلة وفي طليعتها السعودية ومصر والأردن، كما كان لها دور في المساعدات لمنظمة التحرير في ذلك الوقت·

 

القوى الدينية المتطرفة

 

تعمل بشكل منظم تحت شعار جمعية الإصلاح الاجتماعي، ويؤكد المؤلف أن "تيارات الإخوان التي هربت من مصر في عهد عبدالناصر هي التي كانت وراء قيام القوى الدينية المتطرفة في الكويت"· وقد وصل بعض زعماء القوى الدينية الى المناصب الوزارية ومنهم وزير الدولة السابق السيد يوسف الرفاعي، ووزير الأوقاف السابق جاسم الحجي، ويمتد نفوذ القوى الدينية الى الجماعات فهي تقف بقوة ضد اختلاط الطلاب والطالبات في جامعة الكويت، وقد سايرتهم الحكومة في ذلك، وأنشأت جامعة للبنات وأخرى للشباب منعا للاختلاط·

وتقود هذه المجموعة حملات منظمة ضد جميع المظاهر الاجتماعية المنافية للتقاليد الإسلامية مثل تعاطي الخمور وإقامة الحفلات الراقصة في الفنادق والأماكن العامة، وكان لها دور في قرار تحريم الخمور على طائرات الخطوط الجوية الكويتية،  ودفع الحكومة الى منع الكنائس المسيحية من استخدام الأجراس التقليدية التي تدعو الى صلاة الأحد عند المسيحيين·

كما أن هذه المجموعة الدينية تصدر مجلة (المجتمع) التي تعبر عن وجهة نظرها في كل هذه الأمور وتدعو باستمرار الى العمل على تطبيق الشريعة الإسلامية في القضاء والحكم وأن تكون هي المصدر الوحيد للتشريع في البلد·

 

المجموعة الأقلية الشيعية

 

وهي المجموعة التي يطلق عليها المؤلف أنها أكثر القوى السياسية الكويتية تنظيما ورغم أنها لا تبدو كذلك في الظاهر إلا أنها تقوم على التضامن والتكاتف في جميع المجالات وتعمل بأسلوب تحديد الهدف والوصول إليه· ويشير المؤلف الى أن هناك اختلافا في أصول الشيعة الجغرافية إلا أنهم جميعا مرتبطون برباط الطائفة الدينية ويزاوجون من بعضهم· وبدأ ظهور هذه القوى في الحياة المالية والاقتصادية ونجح بعضهم في منافسة أبناء العائلات الكويتية التقليدية في ميدان التجارة والتوكيلات وخصوصا في مجال تجارة الساعات والسيارات والمعدات الكهربائية والالكترونية·

ويكشف الكتيب عن أن النفوذ الحقيقي لهذه المجموعة يتجلى في سيطرتها على تجارة المواد الغذائية وصناعة الخبز ويؤكد المؤلف أن هذه المجموعة ما تزال تعتبر نفسها مضطهدة بالنسبة لتوزيع المناصب السياسية والإدارية العليا في الوطن، وحتى عام 1975 لم يكن أي كويتي شيعي قد دخل الوزارة، ولكن منذ ذلك العام أصبح لهم الحق في تولي منصب وزاري واحد في كل تشكيل وزاري فكان السيد عبدالمطلب الكاظمي أول وزير عندما أسندت إليه وزارة النفط·

وبالختام نحب أن نؤكد أن الكتيب يستحق القراءة والاطلاع كذلك على كيفية أسلوب تشكيل الحكومات والكلمات والخطب التي كان سمو أمير البلاد الشيخ جابر الأحمد الصباح يلقيها أثناء ولايته للعهد في ذلك الوقت، وكيف كانت مسيرة ومشوار سمو أمير البلاد من الأحمدي الى قصر السيف بما كان يحمل من طموح وخطوات وبعد نظر للظروف السائدة في ذلك الوقت وما يحمله من ذكاء ومواهب عديدة وإتقانه التام لقواعد وضوابط القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن له الدور الرئيس في قيام التجربة البرلمانية في الكويت التي تعتبر العين الثاقبة والجوهرة الساطعة لوجود الديمقراطية في وطن اسمه الكويت·

�����
   
�������   ������ �����
عبدالعزيز الجارالله يستحق الثناء··!
مواجهة وزراء الحكومة··!
التاريخ يعيد نفسه
...في ظل دكتاتور العراق..!
الإمام الحسين عليه السلام والصدر.. ومنهج التضليل..!
الديمقراطية.. والقوى السياسية في الكويت!
امرأة رفعت شعار حقوق الإنسان...!
الدجاجة بين الدُببّة والثعلب!!
الفيلة.. والسلف.. وحزام الأمان..!
الوصايا العشر.. للسلطتين التنفيذية والتشريعية!
أمانة القلم
كشكول على الطاير..!
كسوف حقوق الإنسان... والسفارة الأمريكية...!
سياسة توطين الفلسطينيين في الكويت··!
غاصبو الحقوق كغاصبي العقل..!
بعد انتهاء الكسوف..!
في الماضي.. علاقة الوزير الكاظمي والوكيل شهاب بالصحافة..!
الآباء ومعركة الاختفاء.. القلق.. البيجر!
شهادة النائب الطبطبائي.. والتعليم التطبيقي!
شهادة النائب المنيس.. والتعليم التطبيقي!
  Next Page

كيف تنتخب نائبك؟:
محمد مساعد الصالح
حملات انتخابية ساخنة:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
ما بعد العاصفة:
د.مصطفى عباس معرفي
حل إرادة الشعب والإبقاء على إرادة الحكومة:
يحيى الربيعان
هل الحل بالحل؟:
عامر ذياب التميمي
الديمقراطية التركية:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
واقعة المصاحف!!:
سعاد المعجل
الديمقراطية.. والقوى السياسية في الكويت!:
د· بدر نادر الخضري
وأد الدستور وعاداتنا وتقاليدنا:
أنور الرشيد
محاكمة "مجلس":
حمد محمد المرعي
كيف قتل وطبان التكريتي الفنان رياض أحمد؟!:
حميد المالكي
مع أجواء الحل!!:
فوزية أبل