رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 صفر 1427هـ - 29 مارس 2006
العدد 1721

حوادث العنف المدرسي
د. فاطمة البريكي
sunono@yahoo.com

يدرك معظمنا أن ما يصل الى وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة مما يحدث في أي مؤسسة لا يعبر عن حقيقة مجريات الأمور فيها، فقد تأخذ بعض الأخبار - ذات النكهة الإيجابية - حيزا أكبر من حجمها الحقيقي ومن أثرها الفعلي في المؤسسة، كما قد تستر بعض الأخبار - ذات النكهة السلبية - المؤثرة على سمعة المؤسسة· وفي المحصلة يمكن القول إن ما يصل لوسائل الإعلام المختلفة لا يمثل سوى نسبة بسيطة مما يحدث فعليا في مؤسساتنا، فيما يظل الباقي طي الكتمان، الى أن ينسى·

ومع أننا نفترض أن الذي يصل الى وسائل الإعلام من الأخبار ذات النكهة السلبية يعد قليلا مقارنة بما يحدث فعلا، إلا أن بعض الصحف المحلية قد فاجأنا خلال أسبوع واحد تقريبا بعدد من الحوادث التي اتخذت لها من ساحات المدارس مكانا، وهو الذي يفترض أن يكون من أكثر الأماكن أمانا·

وحوادث هذا الأسبوع ليست الحوادث المدرسية الأولى، ولا أظنها ستكون الأخيرة، لأن مؤشرات العنف المدرسي قد بدأت في الظهور منذ فترة ليست بسيطة، ولكن تم التعامل معها على أنها حالات فردية استثنائية، ولا تشكل ظاهرة، ولا يزال التعامل معها رغم اطرادها وتكررها على أنها حالات فردية وشاذة، لا يقاس عليها، ولا يمكن أن تشير الى تدهور الوضع في مدارسنا·

ولكن الأمر يبدو أكثر من مجرد حالات فردية واستثنائىة يتم التصرف إزاءها باتخاذ قرارات آنية انفعالية، بل إن كثرة الحوادث المدرسية تمثل ضربات عنيفة ومتتالية على أجراس تنذر بالخطر، يجب الإصغاء إليها جيدا، لكي نحسن التصرف قبل أن يأتي وقت لن ينفعنا فيه الندم حين يفلت زمام الأمور من بين أيدينا· وهذا يتطلب منا سرعة التحرك، والبحث في هذا الموضوع، ووضعه تحت مجهر التحليل الاجتماعي والنفسي، لمعرفة الأسباب الرئيسية لهذه القضية، وكذلك لمعرفة أسباب تزايد أعداد حوادث العنف المدرسي مؤخرا، مع التأكيد على أن الأمثلة المنشورة في الصحف والجرائد لا تمثل سوى نسبة بسيطة مما يحدث في مدارسنا، وما خفي أعظم دون مبالغة، وهو ما نعرفه ويصل الى مسامعنا عبر مصادر أخرى غير المصادر الرسمية·

ومع احترامنا لرأي بعض المسؤولين في الوزارة أو في بعض المناطق التعليمية بأن هذه الحوادث فردية ولا تشكل ظاهرة، ولا تعكس صورة التعليم العام في الدولة إلا أننا نخالفهم الرأي، فإذا كان من الممكن اعتبار حادثة واحدة استثناء لا يقاس عليه، ولا يمكن أن يمثل المجتمع الإماراتي ولا طلاب المدارس الإماراتيين، فكيف يمكن أن نفسر توالي أخبار حوادث العنف المدرسي في أسبوع واحد؟ وهذا الأسبوع ليس منعزلا عما قبله، فقد نقلت لنا الصحف أخبارا كثيرة في هذا الموضوع خلال الفترة الماضية، وهذا يشير الى أن ما يحدث ليس استثناء، وأن هناك تغيرا قد طرأ على البيئة التعليمية بعناصرها المختلفة، مما يوجب التوقف عندها، وإعادة توصيفها من جديد، كي نستطيع تجاوز المرحلة الحرجة والعصيبة التي وصلت إليها المدارس في الدولة، وذلك بتسليط الضوء على ما يحدث، وعدم مواراته وتجنب الخوض فيه، لأن تجنب الخوض في مثل هذه الأمور الخطيرة على مستويات مختلفة يعني القبول بما يجري، والموافقة ضمنا عليه·

وإذا سلمنا برأي بعض المسؤولين في الوزارة أو في المناطق التعليمية بأن ما يحدث لا يمثل ظاهرة، فإننا نوجه إليهم السؤال الأهم: ما الإجراءات التي تم اتخاذها كي لا تتحول هذه الحالات الفردية الى ظاهرة؟ وهل يجب أن ننتظر حتى تشكل هذه الحوادث ظاهرة لها وجود في جميع مدارس الدولة حتى نبدأ التحرك لحلها؟ ألا يمكن تدارك الأمر والقضاء عليه وهو في مهده قبل أن يستشري خطره وتصعب السيطرة عليه؟

والأهم من ذلك هو طبيعة الإجراءات المتخذة، فهل يصح اتخاذ قرارات انفعالية لا تتجاوز كونها ردود أفعال آنية على حادثة ما ثم ننسى الأمر، أو نتناساه، كأنه لم يكن؟ أليس من الأجدر أن نبحث عن أسباب هذه الحوادث، وأسباب العنف، ونحاول علاجها باجتثاثها من جذورها؟

لنقف وقفة صريحة وجريئة، ولنسأل أنفسنا عن سبب انتشار أنفاس العدوانية في الأجواء المدرسية، ولنكن واقعيين ومنطقيين وصادقين مع أنفسنا في إجاباتنا عليها، فلابد أن يكون السبب كامنا فينا، في بيوتنا، في علاقاتنا الأسرية، في اهتمامنا بأبنائنا، وفي تدقيقنا على ما يشاهدونه ويسمعونه ويمارسونه طوال يومهم، وفي اقتطاعنا ساعة من وقتنا لمشاركتهم أجواءهم لمعرفة كيف يقضون يومهم، وللاطمئنان على ما تتم تغذيتهم به عبر الوسائل الأحب الى نفوسهم: الأفلام المتوافرة لهم عبر قنوات فضائية لا حصر لها، تبث الصالح والطالح، والألعاب الإلكترونية التي نحضرها لهم بأنفسنا دون أن نكلف أنفسنا معرفة محتواها·

لقد تطورت حوادث العنف المدرسي، وأخذت تتجاوز الشكل التقليدي الذي كان يتمثل في اعتداء طالب على زميل له باللسان أو باليد، إذ تطورت وسيلة الاعتداء لتصبح آلات حادة: كالشفرة والخنجر وغيرهما، كما تنوعت هوية المعتدى عليه، ليصبح الطالب والمعلم سواء في ذلك·

هذا هو الوضع الحالي، ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما قد يحدث مستقبلا إن لم يجد هؤلاء الطلاب - على اختلاف مستوياتهم النفسية والاجتماعية - من يوجههم الوجهة الصحيحة، ويساعدهم على استثمار طاقاتهم وإمكاناتهم التي يملكونها فيما يعود عليهم وعلى مجتمعهم ووطنهم بالخير· ويمكن أن يتحقق ذلك - مبدئيا - بتفعيل دور الاختصاصي الاجتماعي، والتأكيد على وجود قنوات تواصل دائمة بين المدرسة وأولياء الأمور، لتكون هذه خطوة في طريق المحافظة على أبنائنا، وهيبة معلمينا، وسمعة مدارسنا وهويتها·

* جامعة الإمارات

�����
   
�������   ������ �����
الأشقاء الأشقياء
القارئة الصغيرة
الامتلاء من أجل العطاء
كيف نسكت ضوضاء نفوسنا
التفكير من أجل التغيير
تطوير العقول أو تغييرها
تطوير العقول أو تغييرها
انتقال الحذاء من القدم إلى الرأس
الكبيرُ كبيرٌ دائمًا
إنفلونزا الطيور تعود من جديد
معنى التجربة
السلطة الذكورية في حضرة الموت
الطيور المهاجرة
"من غشنا فليس منّا"
كأنني لم أعرفه من قبل
ثلاثية الحضور والصوت والكتابة
المطبّلون في الأتراح
بين الفعل.. وردة الفعل
التواصل في رمضان
  Next Page

ألم البوح والكتابة عن الاحتلال*:
سليمان صالح الفهد
العرب المغيبون:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
قميص الأمة الإسلامية!!:
سعاد المعجل
من يحمي المستهلك؟!:
علي الكندري
حوادث العنف المدرسي:
د. فاطمة البريكي
السيد والوسيلة:
صلاح الفضلي
"الوسيلة" تنفيع ومحسوبية!:
المحامي بسام عبدالرحمن العسعوسي
ربيع الطفولة في دبي:
د. محمد عبدالله المطوع
الاستبداد والحوار:
محمد بو شهري
رحلة إلى الأرجنتين:
د. محمد حسين اليوسفي
رسالة وفاء:
يوسف الكندري
قراءة في برنامج عمل حماس:
عبدالله عيسى الموسوي
قضايا كويتية:
على محمود خاجه
ماهو إلا خواطر(3):
علي غلوم محمد
الخدمات الجليلة:
محمد جوهر حيات
حكومة الفقع... وحديث الدواوين:
علي باجي العنزي
الحل في عودة الضابط المبجل..:
عبدالخالق ملا جمعة