إن شبابنا يشكلون اليوم نحو 60 في المئة في آخر إحصائية في تعداد سكان الكويت، فإذا استمروا بهذا النمو المرتفع فإن نسبة الأمية الثقافية في المجتمع الكويتي سوف ترتفع وستشكل في المستقبل المنظور أعلى معدلاتها في الأوساط الشبابية، ومن باب تحصيل حاصل ستزيد نسبة العازفين عن القراءة في مجتمعنا وستصل إلى حافة الكارثة حيث سترتفع في المجتمع نسبة البطالة·· والبطالة المقنعة وبالتالي سوف يزيد الفساد في الجهاز الإداري الرسمي مما ىؤدي إلى زيادة الإنفاق وانتشار الجريمة وسوف تصب عوائد النفط في جيوب جيل أو أجيال من الشباب لا يتحملون المسؤولية، ولا القيادة في المجالات العلمية والتكنولوجية والإبداعية، التي دائما نحتاج إليها على الرغم من أن هؤلاء الشباب يحملون في جوفهم دماء جديدة ولكنها مصابة في فيروس الاتكالية والخمول وبالذات الذين يحتويهم الجهاز الإداري الرسمي·
إن قضية الأجيال الصاعدة وبناء المستقبل المنشود سيبقى مجرد أمل في دفاتر المصلحين الذين جفت أقلامهم وحناجرهم من الصياح في آذان لا تسمع إلا ما تريد سماعه وهم عبارة عن حفنة تجر الشباب وغيرهم إلى طريق لا يرون فيه إلا الإعلام الرسمي والديني والتعليم الرسمي والثقافة الرسمية التي يضعها مثقفو السلطة في أذهان الشباب·
لذلك نلاحظ في الثلاثين سنة الماضية سكونا كبيرا في الشارع السياسي، وفي الفكر الإنساني وحالة من اليأس تجتاح أبناء الوطن العربي، والمؤسسات التعليمية فيه، بينما نجد الجهاز العسكري والقمعي والمخابراتي يزداد ضراوة، ونشاهد في الفضائيات المزيد من التسطيح والتظليل والجمود والكآبة·
حتى بات المشاهد ينفر منها، وهذا هو المطلوب، والمطلوب هو هذا: إعدام صناعة عقل مستنير يطالب في الإصلاح الثقافي والإداري بصوت مسموع، وستبقى الأمور كلها في يد حفنة من رجال السلطة هم الذين يرسمون الخطوط بكل أبعادها وحدودها، وبكل ألوان الطيف·
إنهم يرسمون ويخططون مسارات غريبة عجيبة لم نسمع بها من قبل يطلقون عليها ديمقراطية أو شورى وهي أبعد ما تكون عن هذه وتلك ولا تمت بصلة إلى سبل الديمقراطية المتعارف عليها دوليا وكذلك إنشاء مجالس شورى تجتمع وتنفض وتتحدث بلسان السلطة وليس لها أنياب ولا لسان غير هذا اللسان الرسمي·
فمن أين تأتي التنمية الثقافية في مجتمع لا يحكمه المثقفون إذا كانت كل الأبواب موصدة ضدهم أساسا؟! فيا أسفي على هكذا بلدان كانت فيما مضى تصدر العلم والثقافة إلى دول الغرب جمعاء· |