يوما بعد يوم تتكشف جرائم صدام ونظامه وعصاباته الدموية ولعل المقابر الجماعية لرجال ونساء وأطفال العراق أبشع ما ارتكبه النظام المقبور حيث استطاع المواطنون اكتشاف أكبر مقبرة جماعية الى الآن تضم أكثر من 15000 خمسة عشر ألف جثة في منطقة مدينة المحاويل جنوب بغداد وفور اكتشافها تدفق عليها آلاف المواطنين من عوائل وأصدقاء المعدومين الذين فقدوا في أوقات متفرقة للتعرف على أبنائهم لكن مما زاد من صعوبة معرفة هؤلاء المعدومين هو قيام مسؤولي النظام بحرق السجلات والوثائق التي تتضمن المعلومات عن هؤلاء الضحايا لكن هناك وثائق هائلة استطاعت القوى السياسية العراقية العثور عليها وهي الآن تدقق فيها وتنشر أسماء المعدومين والمعتقلين والسجناء من خلال جمعية السجناء السياسيين العراقيين التي تأسست أخيرا برئاسة الأخ إبراهيم الادريسي وجمعية حقوق الإنسان العراقية·

إن عملية معرفة أصحاب الجثث المكتشفة تتطلب جهودا وتقنيات وأجهزة خاصة لا تتوافر لدى أي من الجمعيتين المذكورتين وهذا مما زاد من معاناة الأهالي الذين لم يتعرفوا إلا على العدد القليل منهم من خلال بطاقاتهم المدنية الشخصية التي كانت مع الجثث أو من خلال التعرف على الجثث التي دفنت قبل فترة وجيزة من سقوط نظام صدام الذي باشر وقبل سقوطه بإعدام الآلالف من السجناء والمعتقلين السياسيين خصوصا قبل وبعد إصدار العفو المزعوم إضافة الى استمرار حملة الإعدامات الجماعية من خلال “مجزرة تنظيف السجون” التي بدأها أوائل عام 1995·

إن الكشف عن تلك المقابر الرهيبة جاء بالصدفة كما كان يحصل في أثناء وجود نظام صدام أو من خلال معلومات وإن الكشف عن المزيد من المقابر الجماعية والتعرف على شخصيات ضحاياها يتطلب جهدا محليا ودوليا من كل الدول ومنظمات حقوق الإنسان والخبراء المتخصصين في هذا المجال وكما حدث في مناطق أخرى من العالم مثل يوغسلافيا السابقة ورواندا وغيرها·

إن مأساة أهالي المفقودين والمعدومين تتضاعف باستمرار حيث إن تصنيف الكم الهائل من السجلات والملفات التي عثر عليها في مقار دوائر الأمن والمخابرات والاستخبارات ومقار الحزب الحاكم للتعرف على أسماء وجنسيات السجناء والمعتقلين والمعدومين والمفقودين تتطلب جهودا ضخمة ومستمرة من أجل إعلانها على الأهالي لمعرفة مصير أبنائهم الذين فقدوا منذ حكم العصابة الصدامية في 17 تموز 1968 وحتى سقوط النظام البائد في 9 نيسان 2003 وبضمنهم الأسرى من الأشقاء الكويتيين والعرب الآخرين·

إن جرائم الإبادة الجماعية “إبادة الجنس” واكتشافها بمثل هذه السعة والضخامة المذهلة يدل على مدى وحشية وهوية صدام ونظامه الإجرامي وإن ذلك يتطلب أيضا اعتقال كل المسؤولين عن جرائم القتل والتعذيب والإبادة الجماعية وتقديمهم فورا الى محاكم جرائم الحرب وإبادة الجنس بعد التحقيق معهم والحصول منهم عن كل المعلومات المطلوبة والتي تسهل عملية الكشف عن المزيد من المــقابر الجماعية والسجـــون والمعتقـــلات الســـرية كما نوجه نداءنا العاجل الى كل الدول والمنظمات والمؤسسات والأفراد أن يسارعوا الى تقديم الدعم المادي والمعنوي العراقي من أجل التغلب على مأساته وفي كل المجـــــالات وأن تحـــذو كل الدول حذو دولة الكويت الشقيقة الــتي كـــانت سبـــاقة في دعـــم شعبنا بالمسـاعدات الإنسانية الضرورية وفي كل الميادين ولا تزال مستمرة كالدعم الإعلامي والسياسي وغيره كما نشكر كل الدول الأخرى التي بادرت الى تقديم المساعدات الإنسانية لشعبنا·

الإعدام·· بتفجير البشر

شكرا لصحيفة الرأي العام وتلفزيون رويترز

نقلت صحيفة “الرأي العام” وعلى صدر صفحتها الأولى يوم 16 مايو 2003 ست صور ملونة عن عملية الإعدام بالعبوات الناسفة عن شريط بثه تلفزيون رويترز ولأهمية تعليق الرأي العام على الصور نورد هنا نصا لبعض ما جاء فيه: “وربما كان أشد إيلاما في الصور، مشهد مسؤولي الأمن وهم يصفقون في ختام العملية·· مشهد برسم الذين صفقوا، وما زالوا لنظام صدام حسين والأنظمة الشبيهة والذين أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ضد “وحشية” الجنود الأمريكيين الذين تغاضوا عن سرقة وزارة هنا ومتجر هناك··· بعد سقوط النظام”·