سألني أحد الزملاء في (الديوانية) عن سبب عزوف أطفال وشباب العرب عن القراءة؟ فأجبته بما يلي:

إن القراءة بالأصل هي عملية غرس عادة أثناء عملية تنشئة الأجيال، بدءا من مدارس رياض الأطفال حتى آخر مرحلة في التعليم العام، لذلك نلاحظ أن العزوف هنا جاء نتيجة وليس سببا، لأن غياب غرس عادة القراءة في التعليم العام معدومة قطعا، ودور المكتبة المدرسية معطل وبائس، بفعل فاعل، قاصدا إجهاض وإفلاس مشروع التنمية البشرية·

إن هذا الفعل العمد نلاحظه في عملية التهميش لدور الثقافة، ليس فقط من خلال المدارس بل من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة أيضا، والهدف من ذلك هو ما يعانيه أبناء الأمة العربية بأسرهم من شدة ما يعرض وما يُملى عليهم من تفاهات جعلت جلهم في حالة ضياع ثقافي وفقدان للهوية·

ولا أقبل من يقول: إن هذه ضريبة العولمة، لسبب بسيط لأن الذين سبقونا الى العلم والثقافة وهم أبناء الدول المتقدمة لم تؤثر فيهم العولمة وغيرها تأثيرا سلبيا، وهم الذين وصلت لهم الأجهزة المرئية قبلنا بسنوات، فزاد عندهم عدد القراء، وأطفالهم لا يعرفون شيئا اسمه العزوف عن القراءة وكذلك مدارسهم·

وجمهور القراء في الدول المتقدمة في ازدياد تصاعدي مستمر، على الرغم من وجود كل وسائل الترفيه، ووسائل الإعلام في دولهم لا تنافس الكتاب وإنما تحث عليه وتدعمه وتخلق له كل يوم برامج حوارية تناقش وتقيّم فيها الكتب الصادرة حديثا، ولا ينظرون للكتاب كسلعة استهلاكية فقط وإنما هم أيضا ينظرون إليه كوعاء ثقافي لا غنى عنه على الإطلاق مهما تعددت آليات الثقافة، فهي بالتالي تغرف منه مادتها الأساسية (النصوص)·

يا أخي·· بصراحة· هناك عامل آخر غالبا ما يكون موجودا بوفرة لدى الإنسان العربي، ألا وهو الكسل والغرور وكثرة النوم في النهار، خصوصا لدى الإنسان الذي ليس لديه معاناة في لقمة العيش·