يتهمنا البعض من الذين وقفوا في منتصف الطريق أو الذين آثروا السلامة الشخصية وانشغلوا بحياتهم المرفهة وأرصدتهم ووظائفهم التي كانوا يحلمون بها وتحولوا عن مأساة شعبهم العراقي وكفاحه وأشغلوا الناس بالثرثرة الفارغة والادعاءات الكاذبة·
لهؤلاء الجبناء بدل أن يخجلوا من أنفسهم وانتهازيتهم، يتهموننا بالمبالغة في الطرح والتملق والمديح في كل موقف يتطلب منا عرفانا بالجميل وتثمينا لمواقف لصالح شعبنا ومعادية للنظام الدكتاتوري الحاكم يتخذها أفراد أو دول أو مؤسسات!
ونحن في الوقت الذي نشعر بالرضا والاطمئنان كون نشاطنا الإعلامي خالصا ومخلصا لقضيتنا فإن من واجبنا وهو دين في رقابنا أن نشكر كل شخص أو جهة تؤيد شعبنا وتنتصر له وتواسيه وتساعده وتتضامن معه في محنته القاسية، وهذا أقصى ما نستطيع أن نقوم به في الوقت الحاضر على الأقل، لكن سيأتي يوم نكرم فيه أصحاب تلك المواقف المشرفة ونصنع لهم تماثيل من ذهب وفضة·
ونحن هنا نشكر الحكومة الكندية والشعب الكندي على موقفهما المشرف في عدم التصريح للمجرم طارق عزيز لزيارة كندا وقد ازددنا سرورا وبهجة أن ذلك المنع جاء تطبيقا للقوانين الكندية التي تمنع منح تأشيرة دخول لممثلين عن أنظمة تقترف أعمالا إرهابية أو انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان بينما (القوانين العربية تسمح بذلك) بدليل استقبال المسؤولين العراقيين في الدول العربية بمراسم بروتوكولية كاملة وتقام لهم الولائم وكل ما لذ وطاب واستطاب ويسمح لهم بالتصريحات والدعايات للنظام وغير ذلك مما تتطلبه مراسم بروتوكولات الدول ولا فرق بينهم وبين أي مسؤول في أية دولة أخرى ذات سلطة دستورية شرعية وليس زمر من القتلة يمثلون نظاما وحشيا مطلوبا للعدالة الدولية بسبب جرائمه وحروبه والكوارث التي أحدثها وهناك (طبعا) جوانب من تلك الزيارات لا يعلن عنها وتظل طي الكتمان ويتم التعتيم عليها إعلاميا بعبارة "وبحث الجانبان القضايا ذات الاهتمام المشترك"·
تلك الزيارات والاستقبالات الودية وعلى أعلى المستويات تتم في الوقت الذي ينفذ فيه النظام أبشع الجرائم وفي مقدمتها حملة تنظيف السجون التي بدأها في خريف عام 1997 وما زالت مستمرة بإعدام آلاف المعتقلين والسجناء السياسيين وينفذ سياسة الأرض المحروقة ويساهم في تجويع وموت شعبنا·
كندا إذن تحترم شرفها وسمعتها وتذود عنهما وتستجيب لرغبة ومطالبة شعبها وشعبنا والإعلانات والمعاهدات التي وقعتها وصادقت عليها في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان وفي مقدمتها الإعلان العالمي، لأن قضايا انتهاكات حقوق الإنسان ليست شأنا داخليا بل هي شأن عالمي وجوهر القانون الدولي لحقوق الإنسان وتهم كافة الدول والشعوب وأن الأنظمة التي ترتكبها هي أنظمة يجب طردها وعزلها من الأسرة الدولية ومعاقبتها وتقديمها الى محكمة جرائم دولية·
وبهذه المناسبة نورد فيما يلي دعوى قضائية ذات أهمية تاريخية وكما وردت في نشرة منظمة العفو الدولية الصادرة في أبريل 1984 وهذا نصها:
في إحدى الدعاوى ذات الأهمية الدولية وتتعلق بشاب من بارغواي يدعى بوليتو فيلارتيغا عمره 17 سنة وكان قد مات تحت التعذيب في عام 1967 قام والده وشقيقته برفع دعوى مدنية للمطالبة بأضرار أمام إحدى محاكم الولايات المتحدة على مواطن اسمه (امريكوبنيا ايرالا) كان يعمل مفتشا عاما للبوليس في العاصمة (استثيون) وقت ممارسة التعذيب على المجني عليه·
ومع أن المحكمة الفيدرالية المحلية حكمت في بادئ الأمر بأن المحاكم الأمريكية ليست ذات ولاية رسمية تؤهلها للنظر في الدعوى إلا أن محكمة الاستئناف الفيدرالية للدائرة الثانية قضت بأن حالات التعذيب التي تسمح بها السلطات الرسمية تعتبر انتهاكا للقانون الدولي بمقتضى تشريع أضرار الأجانب (المادة 28 من مدونة الولايات المتحدة جزء 1350)·
وكان هذا الحكم ذا أهمية تاريخية خاصة فقد فتح الطريق أمام إجراءات التعويض الداخلية في القانون الدولي لحقوق الإنسان كما أنه يعتبر سابقة مهمة في عالم لا يزال تنفيذ قانون حقوق الإنسان فيه قاصرا على المستوى القومي لا الدولي·
والله خير الناصرين· |