رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 17جمادى الآخر 1424هـ-16 اغسطس 2003
العدد 1590

ملف التجنيـس ما له وما عليه
عبدالمنعم محمد الشيراوي
???? ??????

 

يركز الكثيرون عند مناقشتهم لملف التجنيس وأبعاده وتأثيراته السلبية المباشرة وغير المباشرة على انعكاساته وتأثيراته على المستوى السياسي، وهم بذلك يتجاهلون آثاره الاقتصادية والاجتماعية ووضع القوى البشرية الوطنية وهو ما يشكل الخطورة الحقيقية لملف التجنيس، فالتجنيس العشوائي وغير المقنن والذي لا تحكمه شروط نابعة من الخطط التنموية المستقبلية وحاجات وقدرات وإمكانات البحرين بما في ذلك محدودية ثرواتها الطبيعية له آثار سلبية مهمة على المستوى الاقتصادي والخدماتي والتنموي كما أن له انعكاساته على واقع ومستقبل القوى البشرية الوطنية في البحرين·

وقضية التجنيس ليست حالة بحرينية خاصة إلا من ناحية عدم وجود قانون واضح ومتفق عليه وعلى شروطه من قبل قوى المجتمع والمنظمات التي تمثل مختلف شرائحه وطبقاته سواء على المستوى الأهلى أو الرسمي أو التشريعي، فالكثير من دول العالم تمارس هذا الحق لكن بشكل منظم ومقنن ومراقب بشكل مباشر من السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية إلى جانب منظمات المجتمع المدني التي تتأثر به وتؤثر فيه، بل إنه مرتبط أساسا وبشكل مباشر، فيما عدا الحالات الخاصة والمتعلقة بحق اللجوء السياسي، بالخطط التنموية لهذه البلدان ومجتمعاتها وحاجتهم سواء إلى التخصصات والخبرات غير المتوافرة أو التي لا يمكن توفيرها ضمن برامج التعليم المرتبطة بالخطط التنموية على المدىين القريب والمتوسط، كما تتركز ممارسة هذا الحق في العمل على استقطاب الطاقات والعقول التي يمكنها المساهمة بشكل جدي وبانتاجية عالية في مستقبل التنمية في تلك البلدان·

لكن نظرة فاحصة ومتأنية لحالات التجنيس في البحرين تثير الكثير من التساؤلات عن مدى خضوعها لمقاييس دقيقة تراعي واقع المجتمع البحريني وحاجاته التنموية المستقبلية وحجم ثرواته ودخله القومي وقدراته الاستيعابية،  ولو راجعنا الكثير والكثير من الحالات التي حاولنا التعرف عليها ميدانيا خلال دراسة عينات منها لوجدنا ما يلي:-

1 - بعض الأخوة العرب الذين جاؤوا عند تأسيس قوة دفاع البحرين أو خلال فترة نموها، هؤلاء جاؤوا ببدلات "الكاكي" وخبرات عسكرية محدودة لم تساهم لا في التنمية الاقتصادية ولا في عمليات الإنتاج التي تساهم في الناتج الوطني، ومع ذلك فهم اليوم يملكون الأراضي والمزارع والقصور من دون مساهمة تذكر في العملية التنموية أو في الناتج الوطني للبحرين·

2 - مجموعات عربية أو غير عربية تفتقد أي مستويات تعليمية أو علمية ولا تمتلك تخصصات أو خبرات تمكنها من المساهمة في العملية الانتاجية أو عملية التنمية الاقتصادية والمجتمعية،  هذه المجموعات مستعدة لتنفيذ كل ما يطلب منها، لمن يدفع لها ويوفر لها المعيشة، ونجدها في الأجهزة الأمنية بشكل مكثف، وهي مجموعات لا انتماء لها ولا شعور بالمواطنة إلا في ظل المجتمعات القبلية المتخلفة،  ولا تختلف في مضمون فهمها لوجودها غير ما اتفق عليه عالمياً باسم المرتزقة كما هي الحال دائما في إفريقيا وأمريكا الجنوبية والذين تستقطبهم مواقع التوتر·

3 - مجموعات عربية وغير عربية تمتلك مستوى تعليمياً معيناً وخبرات يمكن توفيرها من قبل القوى البشرية المحلية، لكنها (أي هذه الفئات) جاءت من بلدان ومجتمعات لا تستطيع توفير دخل لها يتناسب مع معدلات مستوى المعيشة، وهي لذلك تقبل بمرتبات منخفضة أو يمثل دخلها في البحرين أضعاف دخلها في بلدها الأصلي، هذه المجموعات تتسم بالسلبية وعدم التفاعل الاجتماعي وهي مدركة لأسباب تجنيسها على المستوى السياسي، وتساهم انتاجياً لكن ولاءها ومشاعرها وانتماءها سيظل دائما للوطن الأم خصوصا وهي تعلم أن بإمكانها استعادة جنسيتها الأصلية في أي وقت تقرر ذلك·

4 - أعداد من الخليجيين الذين لهم جذور بحرينية وبعضهم حصل على الجنسية من خلال مرسوم إزدواج الجنسية، هذه المجموعات تأمل في أن تستفيد شيئا من هذه الازدواجية، لكن ولاءها وانتماءها واستثماراتها الأساسية كانت وستظل في دولتها الأم، وهذه المجموعات لن تساهم في أي تنمية اجتماعية وإن كانت ستساهم بشكل محدود في التنمية الاقتصادية غير المنتجة بشرط أن يكون مردود ذلك عاليا وعلى أساس أن لا يعوق هذا النشاط أو يتعارض مع نشاطها الاقتصادي في بلدها الأصلي·

وتشكل هذه الفئات أغلبية من تم تجنيسهم خلال العقدين الماضيين بشكل عام ،حيث إن المسح الميداني اعتمد على المستويات العلمية والخبرات وإمكانية المساهمة في عملية التنمية ومدى تأثيرات كل ذلك على القوى البشرية البحرينية·

 ولكي تتضح الصورة يجب العودة إلى مفارقة هذه الزيادة في عدد المواطنين حاملي الجنسية ومقارنتها مع إمكانات البحرين سواء على مستوى توفير الخدمات أو السكن أو الثروات العامة، فالدولة ونتيجة لسياسة تمليك الأراضي لم يتبقَ تحت تصرفها إلا %5 من أراضي البحرين العامة· وعلى مستوى الثروات الوطنية فالكل يعلم أن الغاز والنفط في سبيلهما إلى النفاد خلال عشرين عاما، كما أن مستوى الخدمات التعليمية والصحية والبلدية والشوارع وغيرها قد انخفض نتيجة عدم تناسب العرض والطلب على هذه الخدمات، ونتيجة عدم وجود تخطيط يراعي وينسق جهود الأطراف ومختلف الوزارات لخدمة خطة تنموية محددة معروفة أهدافها سلفاً ومتفق على أسس ووسائل تنفيذها·

فإذا أضفنا إلى ذلك معرفتنا بنسبة النمو السكاني البحريني وحقيقة أن أغلب هؤلاء المجنسين جاؤوا من مجتمعات وخلفيات ثقافية تفوق في معدلات نموها السكاني المعدلات في البحرين، فإننا سنصل إلى نتيجة بسيطة مؤداها أن البحرين ستعاني وسيعاني شعبها من استمرار تردي مستوى الخدمات واستحالة حل ملفات السكن والبطالة بل وصعوبة تحقيق معدلات تنموية في ظل انخفاض مستوى خدمات التعليم والاستهلاك العالي للثروة الوطنية ووجود فائض سكاني يشكل عائقاً تنموياً ومجتمعياً تم خلقه وإيجاده دون أن يشارك في القرار أطراف المجتمع التي ستتأثر بشكل مباشر وفوري من عملية تنفيذه·

هذا يقودنا إلى المساهمة التي كان الكثيرون ينتظرونها ويترقبونها من مجلس النواب المنتخب أو المجلس الوطني بغرفتيه من أجل حل ملف التجنيس وصياغة قانون يحمل شروط منح الجنسية التي يجب أن تعتمد المقاييس التي تضعها الكثير من الدول والتي ترتبط بواقع قدرات وإمكانات البلد الاستيعابية وخططها التنموية المستقبلية، بل لقد تأمل الكثيرون ممن فاتهم بوعي أو دون وعي قراءة الشرك المنصوب في دستور 2002 وحزمة القوانين الصادرة قبل انعقاد المجلس حيث يستطيع المجلس الوطني الذي ولد معاقاً أن يساهم في تنظيم وتقنين عملية التجنيس مستقبليا وأن يساهم في إعادة النظر ودراسة كل حالات التجنيس التي تمت خلال العشرين سنة الماضية، على أن يتم ذلك من خلال إعادة دراسات جميع الحالات وبشفافية وضمن قانون واضح وشروط تراعي ما سبق ذكره· 

لكن وبكل أسف وكما توقعنا من خلال قراءتنا لنصوص دستور عام 2002 ومجمل القوانين الصادرة قبل انتقاء المجلس، بأنه لا مجلس النواب ولا المجلس الوطني بوضعهما الحالي ودون حل المسألة الدستورية قادران على حل هذا الملف الشائك أو مراجعة السياسة الخطأ التي اعتمدتها الدولة خلال تلك الفترة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن موضوعاً كملف التجنيس له تأثيراته وتداعياته وانعكاساته التي تمس حياة ومستقبل المواطن، بل ويطال مختلف فئات وشرائح المجتمع وتؤثر نتائجه على خطط التنمية المستقبلة وتنعكس سلباً على إمكانية حل ملفات أخرى كملف البطالة، لا يمكن أن يترك القرار فيه وعملية تقنينه ووضع شروطه إلا إلى السلطة التنفيذية السياسية ودون مشاركة فاعلة من مختلف الأطراف والسلطات في المجتمع البحريني الذي سيتأثر سلباً أو إيجاباً بنتائجه، كما تجدر الإشارة إلى أنه لا يحق لطرف واحد أو شخص واحد مهما كان موقعه أن يتخذ قرارات يمكن أن تؤثر سلباً على مستقبل شعب بأكمله·

وعلى هذا الأساس ندعو أعضاء مجلس النواب أن يتناسوا الهبات والمصالح الشخصية غير الدستورية وأن يُحكّموا ضمائرهم، وأن يراعوا مصالح ناخبيهم الذين أتوا بهم إلى مجلس النواب وأن يصروا على فتح جميع جوانب هذا الملف ويناقشوه بشفافية وبمساهمة من قوى المجتمع وجمعياته ومؤسساته المدنية والثقافية والحقوقية ليتم إعادة النظر وبشكل كامل في نتاج هذه السياسة الخطأ التي تشكل الأساس لنقاش ملفات أخرى معقدة أو أن يقفوا بشجاعة أمام ناخبيهم ليعلنوا بأنهم عاجزون عن الدفاع عن مصالح الوطن والمواطنة وحمايتها، وأن يعترفوا بأن مجلسهم هذا ولد معاقا وعاجزا بحيث لن يتمكن من تطوير عملية المشاركة في صنع القرار وتفعيل المراقبة الكاملة، بل وتطوير التجربة للوصول إلى تجربة ديمقراطية متطورة تجسد المواطنة ودولة القانون والمؤسسات دون العودة إلى حل المسألة الدستورية برمتها·

ü كاتب بحريني

�����
   
�������   ������ �����
تسييس الغرفة
إن عدتم عدنا ولن يصح إلا الصحيح
حادث حافلة الشرطة·· أبعاده وتداعيات المواقف السياسية حوله
ما أشبه الليلة بالبارحة
عن أي ديمقراطية يتحدثون؟!
عفـوا سعــادة السفـير
"حدث العاقل بما لا يليق فإن صدق فلا عقل له"
كفاكـم خلطا للأوراق
ألم يحن الوقت لكي يرحلوا؟
ندوة لندن وتداعياتها
"سقوط الأقنعة"
ملف التجنيـس ما له وما عليه
لا ليست أزمة مواقف مبدئيه بل أزمة مبادىء يارفيق
التيار الوطني الديمقراطي وحوار الطرشان
وحدة التيار الديمقراطي التقدمي كيف ومتى وعلى أي أساس؟ 2
وحدة التيار الديمقراطي التقدمي كيف ومتى وعلى أي أساس؟ 1
هل ارتضينا للمجلس النيابي والقوى الوطنية أن يكونا ويظلا ظاهرة صوتية
 

رموز الطاغية في الإمارات:
المحامي نايف بدر العتيبي
حدث مبشر:
أ.د. إسماعيل صبري عبدالله
ضوء في آخر النفق!:
عامر ذياب التميمي
في ذكرى 2 آب:
يحيى الربيعان
لا بد من وقفة:
د. محمد حسين اليوسفي
شرار والبلدية:
علي الكندري
تجنيس أبناء الكويتيات:
د. جلال محمد آل رشيد
وماذا بعد الهدنة؟!!:
عبدالله عيسى الموسوي
حكومة تكنوقراط عراقية لا حزبية سياسية:
حميد المالكي
إشكالية "التبرعات" والأعمال الإرهابية:
رضي السماك
ملف التجنيـس ما له وما عليه:
عبدالمنعم محمد الشيراوي