اقترب عمر الممارسة الديمقراطية في الكويت، نحو الأربعين عاما، باستثناء حقبة المحاولات والمطالب والمنجزات الشعبية الديمقراطية التي مارسها شعبنا قبل صدور دستور 1962، ولا شك أن الجميع يعرفها ويعلم مداها·
لكن يبدو أن الحكومة التي تشكلت منذ عام 78، بموجب المرسوم الأميري رقم (3)، حتى يومنا هذا لم تستوعب معنى الممارسة الديمقراطية، ومشاركة المجتمع المدني في أمور الحكم، وهذا واضح تماما للمتابع، فعلى الرغم من بلوغ التجربة السياسية والديمقراطية الكويتية عامها السابع والثلاثين، اعتبارا من حكومة 17 يناير 1962، إلا أن الحكومات المتتالية وبالذات منذ حكومة عام 78، وما تلتها حتى يومنا هذا، لم تحرز ما نحن بحاجة إليه من إصلاحات في الجهاز الحكومي بصورة عامة، ولم تكن كما ينبغي، علي الرغم من مرور واحد وعشرين عاما على تشكيلاتها، كما لم تستوعب دورها المطلوب في ظل حكم دستوري ديمقراطي وفي زمن المتغيرات العالمية المتلاحقة والمتسارعة·
بينما نجد أن الكثيرين من أعضاء مجالس الأمة الكويتي اكتسبوا الكثير من المهارات والمناورات والخبرات السياسية الفاعلة، كما حققوا مكاسب شعبية كثيرة، نجد على الجانب الآخر حكومات كثيرة تعاقبت على الضعف وأخذت وقتها وراحت من دون أن تحقق الحد الأدنى من طموحات شعبنا، لذلك نرى أن الحكومات التي تشكلت منذ عام 78 وما تلتها كان أغلبها حكومات أزمات، بمجرد ما يبدأ النائب في ممارسة حقه الدستوري معها، سواء أكان بالاستجواب أم بالأسئلة أم بإثارة أي موضوع كموضوع تسليح الجيش الكويتي أم الفساد بكل أنماطه ومستوياته، أم طرح خطأ جسيم كما حدث في طباعة المصحف الشريف أم غيره من الأمور المهمة، التي تمليها على النائب أمانته وطبيعته ومسؤولياته المناطة به دستوريا وشعبيا كرقيب شعبي على المال العام وغيره، تجزع الحكومة بسرعة·
لماذا بمجرد ما يتطرق نائب الأمة لمثل هذه القضايا الخطيرة تجزع الحكومة وتوجه للمجلس تهمة "الخروج عن النص"؟!
لماذا تصف الحكومة نواب الشعب بأنهم غير متعاونين معها؟!
لماذا تجزع الحكومة من نواب الشعب بمجرد ما يقول أحدهم الحق؟!
يبدو أن الحكومات الكويتية المتعاقبة منذ حكومة عام 78 حتى يومنا هذا لا تريد نوابا يشنون عليها حربا رقابية، بل تريد نوابا مبتدئين كنواب مجالس الستينيات أغلبهم موالون·· وموافقون·· وقليلهم ناشطون، وهذا لم ولن يعود لأن الزمان لا يرجع الى الوراء، وعلى الحكومة أن تبصر دائما الى الأمام، وشهادة الشيخ سالم العلي، لهي أكبر دليل على قولنا "وإن اختلط فيها الحق بالباطل" إلا أنها جاءت كشهادة على لسان واحد من كبار أهل البيت، وجسدت موقف شريحة كبيرة وناشطة من أهله، بعد أن أصبح التناقض بينهم سمة بارزة من سماتهم·
وقد صرح الشيخ ناصر، نجل، الشيخ صباح الأحمد في مجلة "الزمن" الأسبوعية بقوله: "نحن لن ننطلق من خلافات شخصية بل سننطلق من مصلحة الكويت ومصلحة النظام "أين مصلحة الشعب؟" وسنتصدى للخطأ وندعو للإصلاح"· |