رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 11 جمادى الأخرى 1425هـ - 28 يوليو 2004
العدد 1638

الصدَّامية والصدَّاميون
يحيى علامو

العنف قرين التسلط والفردية مفرخة الاستبداد·· والنفس البشرية بكل نوازعها تواقة الى التميز والى التأثير بمن حولها مستلهمة في ذلك المحيط الثقافي الذي تشكلت فيه والذي عادة ما يكون مزيجا من الموروث والمكتسب، والذي يصبح فيما بعد الوعاء العام للسلوك الإنساني، والعلاقات الاجتماعية بمجملها هي نتاج هذا المحيط والتي عادة ما تفرز العادات والتقاليد لتجعل منها الناظم الأكثر صرامة لحياتنا اليومية·· فمن خلالها تقيم الأشياء وتنسج العلاقات، ومن لوائحها نصدر الأحكام سلبا أم إيجابا باتجاه أي خطوة تهدف الى إحداث تغيير ما في المجتمع بحجة عدم توافقها مع مكونات شخصيتنا·· وتزداد التعقيدات عندما تكون الحياة الاجتماعية مضطربة والتي غالبا ما تشهد فصولا من القسوة والحرمان فتنعكس سلبا على الشخصية عندما تضيف إليها أنماطا مختلفة من التصلب والسادية تدفعها الى الغلو والجنوح عن كل الصعد، وهذا النموذج المضطرب عادة ما يتكون في المجتمعات المغلقة والبعيدة عن أية مؤثرات حضارية لأن منطق القوة هو الفيصل في علاقاتها، ومن هذه الأرضية المتصدعة خرجت علينا الظاهرة الصدّامية التي وجدت نفسها في الفكر الشمولي القائم على التفرد والإلغاء والذي أعطاها الفرصة للانتقام من كل ما هو إنساني انسجاما مع ذاتها وتعويضا عن عقد النقص فيها وتحت مسمى "المشروع القومي"·

إن المشروع القومي بلا شك والذي بانت ملامحه مع ثورة يوليو هو مشروع حضاري··· اجتهدت هذه الثورة ما استطاعت لإنجازه بعيدا عن الديمقراطية معتمدة في ذلك على الالتفاف الشعبي حولها كبديل للتعددية، فتعثرت خطواتها وانتكست بعضها وبقي هذا المشروع حلم كل عربي الى أن ظهرت السادية القومية المتمثلة بتلك الصدّاميات التي قدمت نفسها كحاضن لهذا المشروع، وما أن انتزعت الشرعية من شعوبها حتى لجأت الى تفكيك كل ما هو متقارب ومترابط وملتصق ووأدت كل الأحلام مما حدا بالكثيرين الى الانزواء والتمسك بالقطرية كضامن وحيد للنهوض·

بعد انهيار الأحلام وفقدان الأمل بأي خطوة تؤدي الى لملمة أجزاء الأمة على أسس معقولة تدفع باتجاه تعديل الثقافة الإلغائية وتحويلها الى فكر تعددي يحمل في طياته الفعل والتفاعل والقبول، تفشت الظاهرة الصدّامية وأصبحت مشروعا بحد ذاتها تنخر في الجسد بأشكال مختلفة وبنسب متفاوتة وفي كل المواقع وعلى كل المستويات بدءا من النخب المتملقة، والعمامة المتاجرة والشعارات المفرغة، والشفافية الغائبة، والبطالة المقنعة، وتبديد الثروات، والفئوية المستحكمة، والمواطنة المجزأة، وساعات العمل المهدورة، والأقلام المأجورة، وعبادة الأصنام، وتأميم الفكر، وحرمان المرأة، والأبوة غير المسؤولة، وعنف الأطفال، والبيروقراطية العفنة، والإرادة المهزومة، والعقول المهجرة، وصولا الى الوطن الغائب والوطنية المحكومة·

وامتدت هذه الظاهرة لتشمل الغرب الذي ما انفك يبشر بالإنسان وبحقوقه المشروعة بغض النظر عن تكوينه حتى تعرضت أدبياته للامتحان الحقيقي، فرسبت عنده أكثر الشعارات مصداقية، وتبين لنا أن الخلاف بين الشرق والغرب ليس خلافا حضاريا بل خلافا مصلحيا، ونفعيا والشعوب هي الضحية في كل صراع·

رغم حالة اختلال التوازن التي نمر بها والتي أوصلتنا الى عدم الثقة بمصداقية أي فكرة تعطينا الأمل بالتغيير تسبب الممارسات النظمية وضعف الجسد المعارض الذي أنهكته الأقبية والخلافات الداخلية··· إلا أننا على يقين بأن الديمقراطية ما زالت تمثل الحلم رغم المخاض الصعب لأننا لسنا حبيسين تجربة معينة أو نموذج معين أو ناقلي فكر معين، فالفكر الإنساني ليس حكرا على أحد أو ملكا لأحد وإنما هو نتاج البشرية عبر مراحلها المختلفة وهذا يعفينا من تهمة التبعية ويترك لنا الخيار بتفضيل الفكرة التي تلائم واقعنا بعيدا عن ثقافة الاستبداد·

لا ولادة من دون مخاض ولا مخاض من دون ألم، وما أظن إلا أننا نمر بمرحلة المخاض انتظارا للولادة الجديدة التي لا نتمناها أن تكون قيصرية، لأن كل الدلائل تشير الى رفض ما هو قائم لانتهاء صلاحيته رغم محاولات الترميم والتجميل، فلا يصلح العطار ما أفسده الدهر·

�����
   
�������   ������ �����
الخيار الديمقراطي بين الرغبة والانتقام
في زحمة الصخب والضجيج تعتكف الحكمة... وتضيع الحقيقة
في دولة المزرعة.. جفاف الضرع شرط لظهور الصحوة
الوعي التنموي شرط لازم للنجاح
الدستور الأوسطي الجديد
منتدى جمال الأتاسي آخر منافذ التهوية
الانتخابات العراقية والديمقراطية الغائبة
الغلوّ في الطرح
آفة الفكر المزمنة
القبول مقدمة مهمة للحوار
كابوسان أحلاهما مرّ
هل استبدال المفاهيم مقدمة لاستبدال الثقافة؟!
الفساد والمناعة الوطنية
الحرية والمناعة الوطنية
لماذا العرب وحدهم يتراجعون اقتصاديا؟!
هل تصلح الرياضة ما أفسدته السياسة؟!
درس في المواطنة يستحق رفع القبعة
نظرة موضوعية الى ثورة يوليو
الصدَّامية والصدَّاميون
هل هي أزمة نظم أم أزمة مصطلح؟!
  Next Page

عاداتنا وتقاليدنا:
سعود راشد العنزي
هل للحكومة خطة اقتصادية؟:
د.عبدالمحسن يوسف جمال
الإرهاب والإنحراف الديني:
د·أحمد سامي المنيس
حلقات الذكر وحلقات الفكر(6):
فهد راشد المطيري
الصدَّامية والصدَّاميون:
يحيى علامو
إليك أيها الفضولي:
عويشة القحطاني
السياحة والعرب!:
عامر ذياب التميمي
الإرهاب في بيوتنا:
د. محمد حسين اليوسفي
"إبراهيم خلف الله" شهيداً:
عبدالله عيسى الموسوي
اطلبوا الحل ولو في الكويت!:
ناصر يوسف العبدلي
المنطقة الوسطى:
عبدالخالق ملا جمعة
محاكمة صدام حسين والقضاء المستعجل :
حميد المالكي
مغزى انتصار لاهاي:
رضي السماك