ليس كل من تحدث بموضوع أو قضية سياسية أو من ترشح لعضوية البرلمان أو من كتب مقالة سياسية، يكون على قدر عال من الوعي السياسي والثقافة السياسية، في وقت يفترض أن يملك المواطن أو المواطنة مخزونا كافيا من الوعي السياسي والثقافة السياسية لا سيما في ظل وجود البرلمان المنتخب والذي يعد بابا من أبواب الديمقراطية والعمل السياسي، ووجود التجمعات السياسية باختلاف أفكارها على الساحة السياسية المحلية، وما نتمتع به من هامش في الحريات، فالوعي السياسي لا يتأتى إلا في وجود الثقافة السياسية فهي فرع من فروع الثقافة العامة·
كيف سينمو الوعي السياسي وتثرى الثقافة السياسية ولا تزال هناك فئات محرومة من حقوقها السياسية، وتجرى انتخابات فرعية قبلية وطائفية وعائلية في العلن حتى طغت وتفوقت الانتماءات والاعتبارات الطائفية والقبلية والعائلية على مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة، والمؤسسات الديمقراطية؟!!
فكلما كانت دائرة المشاركة السياسية وحقوق الإنسان والحريات والمكاسب والضمانات الدستورية والنطاق الديمقراطي أكثر اتساعا زادت معدلات ومؤشرات الوعي السياسي والثقافة السياسية·
وفي هذا السياق نرى أن الثقافة السياسية ليست محكومة أو محصورة ومقيدة بالنشاط والعمل السياسي فحسب، بل مرتبطة بمدى ولوج الفرد بالأنشطة والهموم الاجتماعية والتربوية والثقافية والدينية والاقتصادية وغيرها، والانخراط بمجالات العمل الاجتماعي والإنساني والعام·· فالثقافة العامة هي بمثابة التربة الخصبة، والأرضية التي تتشكل منها الثقافة السياسية ومنها وعبرها ينمو الوعي السياسي تدريجيا مع الأخذ بالاعتبار اختلاف الظروف الزمانية والمكانية وتغير المواقف والتداعيات ومتطلبات الحياة المدنية الآنية والمستقبلية وتطلعات الواقع السياسي والعام·
من خلال هذا السياق، نستطيع القول والجزم إننا في الكويت نعاني من تدني الوعي السياسي وانحسار الثقافة السياسية على جميع المستويات بلا استثناء، على الرغم من مرور أكثر من 36 عاما على صدور الدستور وسنوات طويلة من عمر المسيرة الديمقراطية والتجربة البرلمانية، وهامش الحريات!! |