يقيم المسلمون الشيعة (أتباع المذهب الجعفري) المآتم والمجالس الحسينية منذ اليوم الأول من شهر محرم من كل عام، فهي بمثابة شعائر وطقوس لها خصوصية متأصلة ومتجذرة في وجدان كل مسلم بشكل عام والشيعي بشكل خاص، فهذه الشعائر والمراسم أرتبطت أحداثها ونشأتها بظروف سياسية واجتماعية وتمتد امتدادا عميقا بمأساة كربلاء (يوم عاشوراء، واقعة الطف)، وتعبر بكل جلاء وحزن عن استشهاد الإمام الحسين بن علي·
مراسم ومجالس العزاء الحسيني تقام بصورة علنية وفي ساحات مكشوفة في بعض الأحيان لأنها في نظر الشيعة وسيلة للتعبير عن المواساة والتعبير عن الرأي في الوقت نفسه، ويحتل الخطاب الحسيني مكانة كبيرة عند المسلم الشيعي وله تأثير قوي ويشكل في معانيه ومضمونه دافعا وسلاحا يستمد منه القوة والعاطفة في آن واحد، خصوصا في الظروف التي تستدعي منه ذلك سواء أكانت سياسية أم اجتماعية·· فالخطاب الحسيني في هذه الحالة يمثل عنده ثورة ضد الظلم والقهر والفساد وتجلى ذلك واضحا في ثورية وحماسية الحركات الشيعية كالتي قادها الشيعة في العراق ضد الإنجليز وضد العدوان والاحتلال الإسرائيلي في لبنان·
مسألة التعاطي مع الذكرى الحسينية تختلف درجتها من دولة الى أخرى ومن فرد لآخر، ونسمع من ينادي بنسيان مأساة كربلاء أو التخفيف في مسألة التعاطي مع العزاء الحسيني في وقت نرى أنه طوال السنوات الطويلة من واقعة الطف واستشهاد الحسين بن علي وتشريد أهل بيت النبي عليه الصلاة والسلام الى هذا اليوم مازالت هذه الفاجعة وهذه الذكرى قائمة وواسعة الانتشار في مختلف دول العالم حيث لا يمكن نسيانها ولكن قد يصاحبها تخفيف في التعاطي مع هذه المأساة، فالشيعي مهما علت درجته العلمية ومهما احتل من مكانة على سلم الثقافة والفكر والوعي نجده متمسكا بالذكرى الحسينية لأنها أصبحت متجذرة في تكوينه الفكري والثقافي والاجتماعي الخاص والعام ويشارك في المجالس الحسينية، وفي الوقت نفسه نجده يتجنب المبالغة في بعض المظاهر·
عموما، المجالس الحسينية في الكويت وفي السنوات الأخيرة بدأت تأخذ طابعا اجتماعيا - دينيا وهو مؤشر طيب خصوصا بعد انخراط الكويتيين والكويتيات في إلقاء الدروس والمحاضرات والمراثي مما يؤدي بدوره الى خلق جو من الوعي والثقافة وفق الفهم الصحيح للإسلام وقيم التسامح· |