أثارت حادثة الاعتداء وضرب أستاذ جامعي في كلية الشريعة من قبل ثلاثة متشددين، وإجباره على توقيع أوراق باعتبار أن ما قاموا به تطبيق للحسبة، حالة من الغضب والجدل وموجة من الاستياء والتذمر·· الغريب في الموضوع أن أساتذة كلية الشريعة اعتبروا هذا العمل: "عملا دخيلا على الجامعة وعلى المجتمع الكويتي··· وأكد الأساتذة أن المجتمع الكويتي هو مجتمع مؤسسات يقوم على القانون والدستور"··
- الوطن (14-4-1999)·
ما قاله أساتذة الشريعة مضحك ومحزن لأن أمثال المتشددين الثلاثة (المحتسبون الصغار) هم من تشربوا تعاليم ودروس المخيمات الربيعية وترعرعوا في أحضان الجماعات والقيادات الدينية (المحتسبون الكبار)، فأساتذة الشريعة وأحزابهم وقياداتهم أول من نادوا وعقدوا المؤتمرات وكتبوا المقالات ودعوا الى "مأسسة" الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والآن تأتي الجماعات ذاتها وتستنكر وتغضب وتعتبر ما قام به تلاميذها عملا دخيلا على المجتمع الكويتي بل ومجتمعنا يقوم على القانون والدستور!!
فما قام به المحتسبون الثلاثة أمر متوقع، وشخصيا لم أقابله بالاستغراب والاستنكار فهذه نتيجة حتمية ومسألة طبيعية بعدما زرعت الجماعات والقيادات الدينية تعاليم وكتابات الحسبة والاحتساب في عقول وفكر المغفلين والسائرين في دروبها السامة، فَلِمَ كل هذا الاستنكار والدهشة والغضب؟!! وفي الوقت الذي يجهل فيه الكثير من المواطنين في الكويت بوجه عام وفي الدول الإسلامية بوجه خاص معنى الحسبة وحقيقتها وخطورتها وآثارها وتبعاتها تزداد دعاوى الحسبة لاسيما ضد المفكرين والمبدعين وأصحاب الرأي وأمثال دكتور الشريعة!!! بحجة الاستناد لقول الله تعالى: {فلتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، هذه الآية القرآنية الوحيدة التي يتذرع بها أتباع التيارات الدينية باختلاف مسمياتهم ومذاهبهم في تطبيق الحسبة والتي يتعسفون في تأويلها، لذلك يرى هؤلاء أن في تطبيق الحسبة امتثالا للأوامر القرآنية· وبعد سلسلة الحوادث والدعاوى الباطلة عرفنا وتأكد لنا كيف أن الحسبة ما هي إلا كلمة حق يراد بها باطل، فلا وجود للحسبة في دولة القانون والدستور ومؤسسات المجتمع المدني وحق الحريات، وفي ظل وجود جهات وأجهزة في الدولة تقوم برعاية مصالح الناس وتنظر في قضاياهم وشؤونهم ومنازعاتهم وتحافظ على النظام الداخلي العام· |